صفاء المعداوي تكتب: إدارة التعليم والحلقة المفقودة
حاز التعديل الوزاري في منتصف أغسطس الماضي على اهتمام جميع الأوساط فى مصر وقوبل باستحسان وتفاؤل وخاصة في الوزارات الخدمية وأولها التربية والتعليم.
جاء تكليف دكتور رضا حجازي وزيرا للتربية والتعليم مبعثا للسرور والارتياح لدى جموع المعلمين اللذين رأوا فى ذلك رسالة ثقة من القيادة السياسية في المعلم ومهنته السامية.
فقد عمل الدكتور رضا معلما للكيماء بمدارس الوزارة التي شغل فيها عدة مواقع فنية وإدارية مؤثرة تمكنه من فهم دقائق العملية التعليمية ومتطلباتها ومن ثم تحقيق أهدافها.
كثيرة هي التحديات التي تواجه الدكتور الوزير بل ومؤسسة التعليم ككل وحيث وضعت الدولة سياستها العامة فى تطوير العملية التعليمية وتأسيس نظام تعليمي جديد والذي بدأ بالفعل ليستمر علي التوالي من المرحلة الابتدائية وحتي اتمام مرحلة التعليم الثانوي.
إلا أن فعاليات التنفيذ علي الأرض قد شابها الكثير من الأخطاء بعضها جسيم وخاصة فى نظام الثانوية العامة مما جعل المجتمع غير مطمئن وغير راض وهو يشاهد مؤشرات ودلائل فساد سدد ابائه ثمنا له من مستقبلهم ومن تشويش لفكرة العدالة في أذهانهم.
لعل من أولي التحديات هي استعادة الثقة في الأداء التربوي ونزاهته فى وزارة ليست كغيرها من الوزارات تستقبل من المجتمع أطفاله فى سني مبكرة لتقوم على تعليمهم وتربيتهم تصدرهم اليه ثانية شبابا يافعا، وما بين الطفولة والشباب تقع المسؤولية الأخطر للمؤسسة التعليمية فهي رفيق المجتمع في سعيه نحو غاياته ولكي يكون الرفيق هكذا على قدر الطريق لابد له من تلك الحالة من الديناميكية والتناغم التي تنعكس ايجابا علي مخرجات التعليم ونواتجه.
وما أود الإشارة إليه هو أهمية مراجعة الضوابط العامة لشغل بعض وظائف الإدارة الوسطي وخاصة موقع وكيل إدارة تعليمية وهي وظيفة تعد المنبع الرئيسي للترقية إلى وظائف الإدارة العليا بدءا من مدير عام.
تلك الحلقة الإدارية هي مفصلية ولها من التبعات الفنية والإدارية الممتدة التأثير علي مجمل الأداء المهني والمناخ التربوي فهو موقع ذو حساسية إدارية يمكن أن يشبه فى الجسد الإنساني أساس العمود الفقري ترتكز عليه الأطراف السفلية وينقل اليها الوزن والحركة من الجزء العلوي الى باقي الأجزاء وتضرره يفقد الجسد لياقته وتوازنه .
وللأسف ما يحدث في شغل هذه الوظيفة أصبح مجالا للفساد وغلبت عليه المصالح الشخصية والمجاملات وأهل الثقة وغيرها وبإحصاء بسيط نجد أن تعيين وكلاء الإدارات أغلبهم من مديري مكاتب مديري العموم والمديريات وبعضهم من الوظائف المكتبية غير الميدانية.
وبالطبع لا يمكن انكار وجود بعض النجاحات الحقيقية ولكن لا تعدو كونها حالات فردية ومن ناحية أخرى وعلى الرغم من أن الوحدات المدرسية تفوق الخمسين الف مدرسة وهي قلب وتمركز العملية التعليمية إلا أن الملاحظ موقع وكيل إدارة وبالتالي مدير عام قد خليا تقريبا من اسناد لمديري المدارس الإكفاء بل يتم فى أحيانا كثيرة تجاهلهم عمدا بحجة أن لا تتأثر المدارس جيدة الأداء إداريا مما يحرج الإدارة التعليمية.
وكان من تداعيات ذلك وجود فراغ مهاري فى سلم الترقي يصاحبه هرولة من المقربين وأصحاب النفوذ لاختطاف هذه الوظائف المؤثرة ، ومن التداعيات كذلك أن نجد إحجام الكثير من العناصر الجيدة عن التقدم لإدارة المدارس والقبول بهذه المسؤوليات المركبة شديدة المراس دون مردود مهني إيجابي ما من شأنه أن يخفض من جودة العمل على المدي البعيد.
وفي ذلك أري أن شغل وظيفة مدير مدرسة ناجح يجب أن يكون أحد الشروط الأساسية فى التقدم لوظيفة وكيل إدارة تعليمية ما يمكن أن يحقق استثمارا مهنيا علي أكثر من محور فمن جهة يساعد ذلك في تنقية المصادر والموارد المهنية التي منها يتم اختيار وظائف الإدارة العليا وأولها مديري العموم حيث اختيارها عن طريق الإدارة المحلية في المحافظات.
ومن جهة أخرى يشجع ذلك القيادات الشابة على تولي إدارة المدارس ولنوفر طاقات متجددة تساهم فى تطوير العمل ونجاح العملية التعليمية.