باحثون يتوصلون لعلاج طبيعي محتمل للتوحد

نجح فريق من العلماء في التوصل إلى اكتشاف جديد قد يساهم في فهم أعمق لاضطراب طيف التوحد وإمكانية التخفيف من بعض أعراضه باستخدام "مكون طبيعي".
طيف التوحد
عادة ما يتم تشخيص التوحد بعد سن الرابعة، وتعتمد العلاجات الحالية على التدخلات السلوكية وعلاج النطق إلا أن العلماء الصينيين يعتقدون أن بعض الأطعمة قد توفر علاجا طبيعيا يمكنه دعم هذه العلاجات بآثار جانبية أقل.
وفي الدراسة، تم تعديل 34 فأرا وراثيا عبر إزالة 13 زوجا من جين CHD8، ما أدى إلى ظهور أعراض التوحد، مثل القلق وصعوبات التفاعل الاجتماعي وضعف الذاكرة.
وبما أن أبحاثا سابقة أكدت تأثير بكتيريا الأمعاء على وظائف الدماغ من خلال "محور الأمعاء-الدماغ"، اختبر فريق البحث ما إذا كان البروبيوتيك Lactobacillus murinus – وهو نوع من البكتيريا الموجودة في منتجات الألبان مثل الجبن والزبادي – يمكن أن يكون علاجا فعالا.
وبعد إعطاء الفئران هذا النوع من البروبيوتيك لمدة 30 يوما، لاحظ الفريق تحسنا في سلوكياتها الاجتماعية واستعادة التوازن في أمعائها. كما شهدت أدمغة الفئران تعافيا في التوازن العصبي بين النشاط المثير والمثبط، وهو عامل رئيسي في معالجة المعلومات والإشارات العصبية.
طيف التوحد
نتائج دراسة “ التوحد”
وأظهرت التجربة أيضا ارتفاعا في مستويات مستقبلات الدوبامين D2، وهو بروتين يساعد في تنظيم الحركة والتعلم والذاكرة والانتباه. كما شهدت العديد من مسارات الدماغ المرتبطة بالسلوك وتنظيم المشابك العصبية تحسنا ملحوظا.
ويرى العلماء أن هذه النتائج تدعم الأبحاث السابقة حول تأثير Lactobacillus murinus على التوحد، ما يفتح المجال لاستخدام البروبيوتيك كعلاج مكمل يساعد في تحسين نوعية حياة المرضى.
وعلى الرغم من أن التجربة أجريت على الفئران، فإنها تمثل خطوة مهمة نحو دراسة أوسع على البشر لاختبار فعالية هذا النهج العلاجي الطبيعي.
وعلى صعيد آخر ، تمكن العلماء من تحديد نوع من البروبيوتيك الموجود في منتجات الألبان، والذي قد يسهم في تخفيف وعكس بعض الأعراض المرتبطة باضطراب طيف التوحد.
ويأتي هذا الاكتشاف بعد دراسة على الفئران المعدلة وراثيًا، التي أظهرت أعراضًا تشبه أعراض مرض التوحد.
حالياً، لا تتوفر إلا العلاجات التقليدية مثل مضادات الذهان، موضادات الاكتئاب، والمنشطات، والأدوية المضادة للقلق، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن العلاج الطبيعي قد يكون بنفس فعالية تلك الأدوية، مع آثار جانبية أقل.
أظهرت الفئران المعدلة وراثيًا التي أُزيل منها جين CHD8 أعراضًا مشابهة للتوحد، مثل صعوبة في التفاعل الاجتماعي، ومشاكل في الذاكرة، واختلال التوازن في النواقل العصبية التي تُعتبر أساسية للعمليات المعرفية.
وخلال الدراسة أعطى الباحثون هذه الفئران جرعات يومية من البروبيوتيك Lactobacillus murinus، وهو نوع من البكتيريا التي توجد عادة في الأطعمة المخمرة مثل الجبن والزبادي، لمدة شهر كامل.
بعد انتهاء التجربة، لاحظ العلماء تحسنًا ملحوظًا في سلوك الفئران فقد تحسنت قدراتها على التفاعل الاجتماعي، كما أن أدمغتها أصبحت أكثر مرونة وقادرة على التكيف بشكل أفضل مع المحفزات الجديدة. علاوة على ذلك، شهدت أمعاء الفئران تحسنًا كبيرًا، حيث تم إصلاح الجينات المتأثرة بالتوحد.
كما أظهرت الدراسات أن Lactobacillus murinus لا يساعد فقط في استعادة التوازن العصبي في الدماغ، بل يحسن أيضًا من قدرة الأمعاء على التواصل مع الدماغ، وهي العملية المعروفة بمحور الأمعاء-الدماغ.
كما أظهرت الدراسة أيضًا أن البروبيوتيك يعزز من مستويات الدوبامين في الدماغ، وهو عنصر أساسي في تنظيم الحركة والتعلم والذاكرة.
كما لاحظ الباحثون تحسن في نشاط مسارات الدماغ المسؤولة عن تنظيم السلوك والمشاعر، وهو ما يعكس قدرة البروبيوتيك على معالجة العجز السلوكي المرتبط بمرض التوحد.
هذا الاكتشاف قد يمثل خطوة كبيرة نحو العلاجات الطبيعية لمرض التوحد، والتي يمكن أن تكمل العلاج السلوكي المعتاد مع تقليل الآثار الجانبية. ومع تزايد الأبحاث في هذا المجال، يبدو أن البروبيوتيك قد يصبح جزءًا مهمًا من استراتيجيات العلاج المستقبلية لمرضى التوحد.