الدكتور سامح خشبة يكتب: عودة الروح للجسد.. ماسبيرو بين التحدي والطموح
![](https://media.hyawhoma.com/img/25/02/06/88384.jpg)
كان وما زال "ماسبيرو" رمزًا للإعلام المصري وواجهة الوطن لعقود طويلة بدأت في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما أصدر قرارًا ببدء بناء مبنى ماسبيرو في أغسطس عام 1959م، ليظهر إلى النور وتتلألأ في الأفق أصوات مذيعي ماسبيرو في افتتاحه في السابعة مساءً يوم الحادي والعشرين من يوليو لعام 1960م، ليستمر في العطاء لأكثر من نصف قرن، لكنه واجه تحديات أثرت على دوره ومكانته في المشهد الإعلامي واليوم، ومع القرار الأخير الصادر عن الهيئة الوطنية للإعلام بشأن إعادة الروح للجسد وإحياء هذا الصرح الإعلامي العريق من جديد بتوجيهات من القيادة السياسية، نجد أنفسنا أمام لحظة فارقة تستحق التقدير والإشادة ولكن الحقيقة التي يجب أن ندركها هي أن "عودة الروح للجسد" ليست مجرد كلمات.
إن عودة ماسبيرو لا يمكن أن تتحقق بقرار إداري فقط، فالقرارات الإدارية والخطط والتوجيهات الصادرة عن الهيئة الوطنية للإعلام هي "الروح"، بينما العاملون في مختلف القطاعات هم "الجسد" وعندما تعود الروح إلى الجسد، لا بد أن ينشط هذا الجسد ويستعيد عافيته ليؤدي دوره بكفاءة وفاعلية، فالقرارات، التي يتبعها خطط تنفيذية واضحة تعتمد على تطوير المحتوى، وتأهيل الكوادر، وتوفير الإمكانيات اللازمة لمواكبة التطورات التكنولوجية والإعلامية، يلزمها عقولٌ نيِّرة ونماذج بشرية أكفاء وقادرون على ترجمة كل هذه التصورات إلى محتوى مرئي ومسموع يحقق رسالته.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الهيئة الوطنية للإعلام إلى أن خطة عودة ماسبيرو ترتكز على محورين رئيسيين: استعادة تأثيره في الشارع المصري، وتحسين الظروف المادية والمعنوية للعاملين، هذا النهج يمثل خطوة إيجابية نحو إعادة التوازن لهذا الصرح الإعلامي، لكنه يتطلب تعاوناً حقيقياً من جميع الأطراف، بدءاً من دعم رئاسة الهيئة وانتهاءً بجهود العاملين لاستعادة الريادة.
إن نجاح هذه العودة مرهون بقدرة ماسبيرو على تقديم محتوى يلبي تطلعات الجمهور، ويعكس قضايا المجتمع بمهنية وموضوعية فالإعلام لم يعد مجرد ناقل للأخبار، بل أصبح صناعة تعتمد على الإبداع والتكنولوجيا والتفاعل المباشر مع الجمهور، لذا، يجب أن ترافق "عودة الروح للجسد في ماسبيرو" نهضة حقيقية تشمل تحديث الاستوديوهات، والارتقاء بمستوى الإنتاج، والاستثمار في الكفاءات الإعلامية المتميزة الشابة.
ماسبيرو يمتلك إرثًا إعلاميًا ضخمًا وخبرات تراكمت عبر العقود، وهو قادر على استعادة مكانته، لكن ذلك لن يتحقق إلا بتكاتف الجميع، وبروح العمل الجماعي التي تسير في اتجاه إيجابي واحد نحو التطوير المستمر، فهل سنشهد قريبًا ماسبيرو الجديد، القادر على المنافسة محليًا وإقليميًا؟ الإجابة تكمن في مدى إصرار الجميع على تحويل "عودة الروح" إلى حقيقة ملموسة يتمناها كل مصري.