نيفين نمرة تكتب: ترانسفير.. المخطط الإسرائيلي لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم

تسعى إسرائيل إلى تنفيذ مخطط ترانسفير قسري للفلسطينيين، عبر تهجيرهم من أرضهم وإخراجهم من قطاع غزة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ هويتها كدولة يهودية خالصة.
منذ تأسيسها، راودت فكرة التهجير القسري الحركة الصهيونية والمتطرفين اليهود، ولم يتوقفوا عن المطالبة بإبعاد الفلسطينيين لتثبيت الطابع اليهودي للدولة وقد جاء إقرار قانون "الدولة القومية اليهودية" عام 2018 ليشكل خطوة رئيسية نحو تحقيق هذا الهدف، حيث فُهم على أنه تمهيد لتنفيذ الترانسفير فعليًا، فيما مثلت مقترحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خطوة أولى نحو تحويله إلى واقع.
تمثل اقتراح ترامب بترحيل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن محاولةً لاحتواء غضب اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي انتقده بشدة بعد فرض وقف إطلاق النار خلال العدوان على القطاع، وسارع ترامب إلى تهدئة هذه الأصوات بإتمام صفقة بيع القنابل الثقيلة لإسرائيل، ورفع العقوبات عن مستوطنين متطرفين، وأخيرًا باقتراح تهجير الفلسطينيين من الضفة والقطاع، في إطار مخطط واضح لإعادة رسم خريطة المنطقة.
حدود إسرائيل المتغيرة ومخططات التهجير
لطالما وُصفت إسرائيل بأنها الدولة الوحيدة التي لا تحدد رسميًا أين تبدأ حدودها وأين تنتهي، إذ تتوسع باستمرار متجاوزة الأراضي التي احتلتها عام 1948 وضمتها عام 1967، وتعتبر الضفة الغربية والقدس وغزة جزءًا مما تسميه "أرضها التاريخية المقدسة"، هذه الرؤية يتبناها اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يرى أن تحقيقها يتطلب تهجير الفلسطينيين بالكامل، وإلغاء حق العودة، وإنهاء حل الدولتين.
من هنا، جاء مقترح ترامب ليحول هذه الأفكار من مجرد طموحات أيديولوجية إلى مشروع سياسي رسمي، حيث بات واضحًا أن الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة لم تقتصر على استهداف حركة "حماس" وقياداتها، بل امتدت إلى محاولة اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم قسرًا.
صمود الفلسطينيين وإفشال المخطط التهجيري
رغم القصف المكثف والدمار الشامل، أدرك الغزيون أهداف الاحتلال ورفضوا تنفيذ مخططاته فقد رفض كثيرون مغادرة شمال القطاع رغم التحذيرات الإسرائيلية، فيما رفض النازحون في الجنوب اللجوء إلى مصر، حتى ولو بشكل مؤقت، بعد أن اتضحت لهم نوايا الاحتلال في فرض تهجير دائم.
بالمقابل، لعبت مواقف الدول العربية، خاصة مصر والأردن، دورًا رئيسيًا في إحباط هذا المخطط، إذ أعلنتا منذ البداية رفضهما استقبال أي فلسطيني مُهجر، مما أفشل سعي الاحتلال لفرض التهجير كأمر واقع.
واليوم، يحاول الاحتلال استبدال حرب الإبادة بحرب التهجير، لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم تحت وطأة الضغوط المتواصلة، لكن رهان إسرائيل على نجاح الترانسفير يبقى مرهونًا بمدى صمود الفلسطينيين مرة أخرى، وبتماسك الموقف العربي الرافض لهذه الخطوة.
إن تنفيذ مخطط تهجير نحو 6 ملايين فلسطيني من أرضهم وتوزيعهم على الدول المجاورة لن يؤدي إلا إلى تفجير المنطقة وإلغاء أي فرصة لتحقيق السلام والاستقرار، مما يجعل مقاومة هذا المشروع واجبًا قوميًا وإنسانيًا في آنٍ واحد.