مركز المعلومات: ربع سكان العالم سيقضون ساعة واحدة يوميًّا في الميتافيرس بحلول 2026
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول (الميتافيرس)، مشيراً إلى أن الميتافيرس يُعد التطور الجديد من الإنترنت، فهو شبكة من البيئات الافتراضية التي يمكن عبرها الحصول على تجربة غامرة عبر الإنترنت، ويتم تمثيل المستخدمين لها بواسطة صور رمزية يُطلَق عليها (أفاتار)، ويمكنهم التفاعل مع أشخاص آخرين وعناصر موجودة في البيئة نفسها في مساحة افتراضية مشتركة جماعية تمكِّن من الانتقال الآني إلى هذا العالم الجديد باستخدام أدوات تكنولوجية، مثل: نظارات الواقع الافتراضي، أو أجهزة الواقع المعزز، وغيرهما.
وترى الشركات التكنولوجية الكبرى الرائدة في هذا المجال التكنولوجي أنه يمثل نوعًا من الواقع البديل الذي يمكن للفرد من خلاله القيام بكل ما يفعله يوميًّا دون الحاجة إلى التحرك جسديًّا في الواقع الفعلي، كما يعتمد الميتافيرس على مجموعة من التقنيات المتنوعة، رغم أنه قد لا تكون جميعها ضرورية معًا لتجربة هذا العالم الرقمي، مثل: عناصر الواقع الافتراضي (VR)، والواقع المعزز (AR)، وتقنية البلوكشين (Blockchain)، والذكاء الاصطناعي (AI)، والصورة الرمزية (Avatar)، وواجهات الدماغ والحاسوب (BCI)، والعملات المشفرة (Cryptocurrency)، والتوأم الرقمي (Digital twin)، والديب فيك (Deepfake)، والتصوير ذي التركيز المركزي (Foveated imaging/rendering)، والتكنولوجيا اللمسية (Haptic technology)، والانغماس (Immersion)، والويب (0.3) (Web 3.0).
وأضاف التحليل أنه على الرغم من تصوير الميتافيرس غالبًا بأنه عالم رقمي شامل واحد، فإنه يمكن تقسيمه إلى ثلاثة قطاعات مميزة: الميتافيرس الصناعي، والميتافيرس المؤسسي، والميتافيرس الاستهلاكي، وتظل وتيرة تطور كل من هذه القطاعات غير مؤكدة، لكن المؤشرات والتحليلات تكشف عن النمو السريع للميتافيرس الصناعي والتقنيات الداعمة له خلال هذا العقد والتي تشمل أنظمة محاكاة الآلات والمصانع وشبكات النقل وغيرها من الأنظمة المعقدة؛ مما يتيح حل المشكلات الواقعية في الصناعة والتصنيع.
وعن توقعات مستقبل الميتافيرس عالميًّا فقد قسمها التحليل إلى ما يلي:
-المستخدمون: حيث سيقضي ربع سكان العالم على الأقل ساعة واحدة يوميًّا في الميتافيرس بحلول عام 2026. وسوف يصل عدد المستخدمين في سوق الميتافيرس إلى 39.8 مليون مستخدم بحلول عام 2030 بنسبة انتشار 31.8%؛ مما يعكس نموًّا ملحوظًا في تبني هذه التقنية، حيث تصل نسبة الانتشار حاليًّا إلى 11.2% في عام 2024. كما يبلغ متوسط القيمة لكل مستخدم (ARPU) نحو 20.4 دولارًا أمريكيًّا، وهو ما يعكس رؤى حول القيمة الاقتصادية التي يولدها كل مستخدم في سوق الميتافيرس.
-القيمة السوقية: تحقق الولايات المتحدة أعلى حجم سوق، وهو يقدر بنحو 23 مليار دولار أمريكي؛ مما يبرز المساهمة الكبيرة للولايات المتحدة في سوق الميتافيرس. واتصالًا، تجدر الإشارة إلى الزيادة السريعة في الاستثمار بتقنية التوائم الرقمية التي تُعَد عنصرًا أساسيًّا في بناء الميتافيرس؛ حيث تُقدَّر سوق التوائم الرقمية العالمية بمبلغ 6.5 مليارات دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تصل إلى 125.7 مليار دولار بحلول عام 2030. هذا، ويُقدَّر وصول قيمة الميتافيرس إلى 112 مليار دولار على مستوى العالم بحلول عام 2030، ويتوقع أن تتجاوز هذا الرقم لتصل إلى 1 تريليون جنيه إسترليني، وهو ما يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة.
أشار التحليل إلى تنوع أسباب تفضيل المستخدمين للتجارب الافتراضية التي يزداد الطلب عليها، وهو ما يعبر عن وجود تغير في تفضيلات العملاء، وذلك كما يلي:
-تحسين التعليم بتوفير تجارب تعليمية تفاعلية تُمكِّن الطلاب من الانغماس في محاكاة ثلاثية الأبعاد للدروس والتفاعل مع المواد التعليمية بشكل أكثر واقعية.
-تدريب العاملين في مجموعة من الصناعات مثل: الطب، والطيران، والعمليات الصناعية؛ حيث يوفر الميتافيرس تجربة تدريبية واقعية دون المخاطر المرتبطة بالتدريب التقليدي.
-إنشاء تجارب تسويقية جذابة للمستهلكين، وتحسين عمليات الشراء بالتجزئة عبر استخدام تقنيات الواقع المعزز.
-تقديم تجربة جديدة ومثيرة للتواصل والتفاعل الاجتماعي بين الأفراد في بيئة رقمية مشتركة.
-الانخراط في أنشطة متنوعة مثل: الألعاب، والتسوق، وحضور الفعاليات.
-إمكانية استكشاف العوالم الافتراضية.
وأفاد التحليل أن الواقع الجديد الذي يُقدمه الميتافيرس يُمكن أن يُحدث تحولًا جذريًّا في الجوانب الحياتية المختلفة بدءًا من التعليم وصولًا إلى الصحة والسياحة. ففي قطاع التعليم يمكن أن يُعزز الميتافيرس من تجارب التعلم التفاعلية، وفي مجال الصحة يتيح توفير استشارات طبية عن بُعد، وبالتالي تحسين تقديم الخدمات الصحية للمناطق النائية، وفي السياحة يُحدث نقلة نوعية عبر تقديم تجارب افتراضية للزوار تعمل على تعزيز الوعي الثقافي، وتشجِّع على زيارة المواقع التاريخية.
وأفاد التحليل أنه تماشيًا مع الاتجاهات العالمية، تشهد سوق الميتافيرس في مصر نموًّا كبيرًا وذلك للأسباب التالية:
-تلعب الظروف المحلية الخاصة دورًا في تطور سوق الميتافيرس في مصر، فالشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة من التركيبة السكانية لمصر هم من ذوي المعرفة التقنية المرتفعة والأكثر احتمالًا لتبني التكنولوجيا الجديدة.
-يتزايد استخدام تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) بهدف الاستمتاع بتجارب افتراضية أكثر غمرًا وواقعية؛ ونتيجة لذلك ظهرت مراكز ألعاب الواقع الافتراضي والتي تُمكِّن الأشخاص من تجربة الألعاب والأنشطة الافتراضية.
-تزايد توافر الإنترنت عالي السرعة واستمرار ارتفاع نسبة انتشاره، وكذلك الحال بالنسبة لانتشار الهواتف الذكية؛ حيث أصبح بإمكان المزيد من الأفراد الوصول إلى البنية التحتية اللازمة للمشاركة في الميتافيرس.
-تمتع مصر بالتراث الثقافي الغني الذي يمنحها فرصًا فريدة لإنشاء تجارب افتراضية تعرض تاريخ البلاد ومعالمها.
-يزداد الطلب على الفعاليات والمؤتمرات الافتراضية لتوفيرها طريقة مريحة وفعالة من حيث التكلفة للتواصل مع الآخرين.
وأضاف التحليل أن مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات أطلق مسابقة "هاكاثون ابتكار ميتافيرس"، التي يقيمها مراكز إبداع مصر الرقمية ومعامل التصنيع الرقمي بمبادرة "مصر تصنع الإلكترونيات"؛ حيث يهدف الهاكاثون إلى:
-تشجيع الشباب المصري بمختلف المحافظات على التعاون والتفكير الابتكاري في تطبيقات "ميتافيرس"، وتسخير التقنيات لإيجاد حلول ذات إمكانات عالية وفعالية في التواصل، وتعزيز العمل عن بُعد للإسهام في تسريع عمليات التحول الرقمي ودعمها.
-تعزيز دور الجامعات المصرية باعتبارها مركزًا للإبداع وريادة الأعمال القائمة على الابتكار واكتشاف الأفكار وإيجاد المواهب الشابة المُبتكِرة ومساعدتها على النمو.
-يشمل الهاكاثون سلسلة من المسابقات والأنشطة التفاعلية التي تُنفَّذ بنظام هجين يجمع بين الفعاليات على الإنترنت والأنشطة التفاعلية، وذلك في 10 محافظات مختلفة، منها سبع محافظات توجد بها مراكز إبداع مصر الرقمية في جامعاتها الحكومية (جامعة المنصورة، والمنوفية، والمنيا، وسوهاج، وقنا، وأسوان، وجامعة قناة السويس بالإسماعيلية)، وكذلك بمعامل التصنيع الرقمي بمبادرة "مصر تصنع الإلكترونيات" في ثلاث محافظات، وهي: القاهرة، والإسكندرية، وأسيوط.
-تسهم العوامل الاقتصادية الكلية الأساسية، مثل تركيز الحكومة المصرية على التحول الرقمي وتنويع الاقتصاد، على سرعة نمو سوق الميتافيرس؛ حيث كانت الحكومة نشطة في الترويج لتطوير الاقتصاد الرقمي ودعم نمو قطاع التكنولوجيا؛ مما ترتب عليه خلق بيئة مواتية للشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا العاملة في مجال الميتافيرس.
وأشار التحليل إلى أن كل ما سبق أسهم في خلق قاعدة مستخدمين كبيرة، وزيادة إمكانات السوق للتجارب الافتراضية، وفي الوقت ذاته أسهم في خلق الروح الريادية المتزايدة في مصر؛ إذ أدركت الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا الفرص التي يقدمها الميتافيرس وبدأت في تطوير حلول مبتكرة لتلبية الطلب وذلك من خلال: إنشاء محتوى الواقع الافتراضي وتطوير الأسواق الافتراضية، وإنشاء برامج تدريب عبر الواقع الافتراضي.
وفي ضوء ما سبق، يمكن القول إن تقنية ميتافيرس هي واقع فعلي سيغير من طبيعة العالم بشكل كامل اتصاليًّا واجتماعيًّا وسلوكيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، والدول التي لن تستطيع التعامل مع هذا الواقع والتنبُّه لتحدياته واستغلال فرصه ستتأخر كثيرًا. ومصر في ظل التحديات التي تواجهها، وبما تمتلكه من قدرات بشرية مؤهلة وإمكانات كبيرة، -خاصة في ظل التركيز على التحول الرقمي ودعم الابتكار ولِما تتمتع به مصر من تراث حضاري وثقافي فريد- لديها فرصة لاستخدام تقنيات الواقع الافتراضي (ميتافيرس) في قطاعات عديدة بالدولة على رأسها: السياحة والصحة والتعليم، وإيجاد حلول نوعية غير تقليدية لزيادة الاستثمار بالقطاعات المختلفة.
كما أن تعزيز هذا المجال بمصر يفتح آفاقًا جديدة للتوظيف، ويُعزز من قدرة الشباب المصري على الانخراط في الاقتصاد الرقمي العالمي؛ مما يتطلب معه تحوُّل الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية وتطوير المهارات، لأجل تحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية في مصر.