ظاهرة ”الأب المشفر” تغزو الأسر المصرية.. وأستاذ نفسي يحذر: وجوده مثل الشبح
قال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن هناك ظاهرة تسمى 'الأب المشفر'، وهو نوع عصري من الآباء الذين يركزون كل وقتهم على السوشيال ميديا والإنترنت، مما يجعلهم بمثابة أشباح في حياة أسرهم.
وأوضح أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، : "هؤلاء الآباء موجودون جسديًا لكنهم غائبون عاطفيًا، ويظهر تأثيرهم السلبي بشكل خاص على الأولاد الذين أطلق عليهم لقب 'يتامى الإنترنت'، وهذا الأب غالبًا ما يكون مشغولًا بمحتوى هاتفه أو جهازه اللوحي، مما يؤدي إلى غياب حقيقي عن دوره كأب.. بدلاً من التواصل مع أولاده، يصرخ عليهم أو يعاقبهم دون أن يدرك مدى تأثير غيابه على حياتهم".
وأضاف: "عندما يكون الأب غائبًا، سواء كان ذلك بسبب الانشغال أو الظروف، فإن الأسرة النووية، التي لا تحتوي على الأجداد أو الأعمدة التقليدية الأخرى، تواجه تحديات كبيرة، إذا لم يكن هناك شخص آخر ليملأ الفراغ، فإن الأعباء تزيد على الأم التي تجد نفسها مضطرة لتلعب دور الأب والأم في نفس الوقت، مما يؤدي إلى إجهاد نفسي كبير".
وأكد: "إذا كان الأب غائبًا بشكل اضطراري أو عاجز، ينبغي أن يكون هناك مصدر آخر للرجولة في حياة الأولاد، مثل الجد أو العم، لكن هناك أمهات يمنعن أي شخص آخر من الاقتراب من أولادهن، مما يزيد من أعباءهن ويدفعهن نحو التحول من أمهات رائعات إلى أمهات صارمات أو قاسيات.. هذا التوتر يمكن أن يؤدي إلى تشوهات في العلاقات الأسرية، خاصة مع الأبناء المراهقين الذين يسعون للاستقلال، في غياب الأب، قد تنفجر الأمور ويصبح الوضع أكثر تعقيدًا".
ونوهت إلى أن الأب عليه دور نفسي كبير في حياة الأولاد والبنات، لافتا إلى أن دور الأب لا يمكن تعويضه، وخصوصًا في المرحلة العمرية من ثلاث إلى خمس سنوات، حيث يحتاج الولد إلى الانتقال من حضن الأم إلى معية الأب، وهذا الانتقال ضروري، لأن الطفل يكون مرتبطًا بأمه منذ فترة الحمل والرضاعة، ويحتاج في هذه الفترة إلى الاقتراب من الأب ليكتسب الصفات الذكورية.
وأوضح: "إذا لم تحدث هذه الرحلة، يمكن أن تظهر مشكلات كبيرة.. يحتاج الطفل لرؤية كيفية تصرف الأب، وكيفية تعامله مع المواقف.. هنا يحدث ما يُعرف بـ "التوحد" أو "التماهي" مع الذات الذكورية، مما يساعد على تشكيل هويته بشكل سليم".
وفيما يتعلق بالبنت، قال: "رغم وجودها في حضن الأم، إلا أنها تحتاج أيضًا للتعرف على كيفية التعامل مع الأب، في حياتها، ستحتاج لفهم الذكر وبناء علاقات صحية.. البنت التي تعاني من نقص في الحنان الذكوري قد تبحث عن هذا الحنان في علاقات خارجية، مما يؤدي إلى انشغالها بالعلاقات مع الذكور".
وتابع: "أما الولد الذي يفتقر لحنان الأب، فقد يتجه للارتباط بمدرس أو مدرب بشكل مرضي، مما يولّد لديه حاجة مفرطة للدعم.. وإذا لم تُشبع هذه الحاجة بشكل صحيح، فقد يدخل في علاقات غير صحية.. الأب لا يقتصر دوره على توفير المال أو السلطة في الأسرة، بل يمثل أيضًا دعمًا نفسيًا وتربويًا.. فقدان الأب، سواء بالوفاة أو الطلاق أو الانسحاب من دوره، يترك أثرًا نفسيًا عميقًا لدى الأولاد، مما قد يؤدي لاضطرابات نفسية وسلوكية، وعلينا أن نفهم الحديث النبوي: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول"، حيث يبرز أهمية الدور الأبوي في تشكيل حياة الأطفال)".