كيف يتصرف الوالدان أمام الأسئلة المحرجة لأطفالهما؟
إنَّ طرح الأسئلة المُحرِجة من قِبل الأطفال هو أمر طبيعي وشائع جداً في مرحلة نموهم؛ إذ يُظهِر الأطفال فضولاً طبيعياً ورغبة في فهم العالم من حولهم، وقد تأتي أسئلتهم بطابع مُحرِج أحياناً، ومع ذلك، فإنَّ تجاوبنا مع هذه الأسئلة بصبر واحترام يساعد الأطفال على التعامل مع مشاعرهم ومواصلة تعلُّمهم بثقة.
قد يحاول الأطفال توسيع فهمهم للتغييرات في أجسادهم أو في صفات الناس من حولهم، وقد يكونون متأثرين بالمعلومات التي يجدونها على الإنترنت أو من مصادر أخرى، وبهذه الطريقة، يمكن للأسئلة المُحرِجة أن تكون شكلاً من أشكال فهم الذات والتنمية الشخصية.
عند الإجابة عن هذه الأسئلة، من الضروري أن نتعامل معها بصدق ووضوح، ونحاول تبسيط المفاهيم واستخدام لغة مناسبة لعمر الطفل، ويجب علينا أيضاً أن نقدِّم الدعم والتأكيد على أنَّه لا يوجد سؤال سخيف أو غبي، وأنَّنا متاحون للإجابة عن أسئلتهم في أي وقت.
سنقدِّم لكم في مقالنا هذا دليل الأبوين للإجابة عن أسئلة الطفل المُحرِجة، في محاولة منا لمساعدتك على تحقيق تواصل مفتوح وصادق وهادف مع أطفالك عن الموضوعات الحساسة.
ما هي طبيعة الأسئلة المُحرِجة التي قد يسألها الأطفال؟
تختلف طبيعة الأسئلة المُحرِجة التي يطرحها الأطفال حسب مستوى فهمهم والمعلومات التي يتعرضون لها، وإليك بعض الأمثلة عن أسئلة محتملة:
- ماذا يحدث عندما يموت شخص؟
- ما هو السبب وراء اختلاف الأجسام بين الذكور والإناث؟
- كيف يتم صنع الأطفال؟
- لماذا لديكم شعر تحت الإبطين؟
- كيف يدخل الطعام من الفم إلى المعدة؟
- هل الأطفال يمكنهم الزواج؟
- ما هو الحب؟ وماذا يعني أن تحب شخصاً ما؟
- هل يوجد أشخاص في العالم دون أبوين؟
- من أين أتيت؟
- أين الله؟
كيف تجيب عن أسئلة طفلك المُحرِجة بشكل صحيح؟
عندما يسأل طفلك أسئلة مُحرِجة، من الهام التعامُل معها بشكل صحيح وملائم، وإليك بعض النصائح لمساعدتك على ذلك:
1. استمع بعناية:
استمع جيداً لسؤال طفلك وافهم طبيعة استفساره الفعلي، فقد يطرح سؤالاً بريئاً ولا يدرك تماماً مدلوله المُحرِج.
2. كن صريحاً وبسيطاً
قد تحتاج إلى تبسيط الإجابة وإيصالها بشكل صريح وسهل لطفلك، فحاول عدم إضافة تفاصيل زائدة أو تعقيد الأمور.
3. ركِّز على الحقائق
حاول الإجابة بناءً على الحقائق البيولوجية والعلمية البسيطة بدلاً من الوصول إلى تفاصيل معقدة أو صعبة لشرحها لطفلك.
4. احترم الخصوصية:
قد تتعلق بعض الأسئلة بالموضوعات الشخصية أو الحساسة، ففي هذه الحالات، يمكنك أن تقول لطفلك بلطف إنَّ هذا موضوع خاص يجب الحفاظ على خصوصيته.
5. كن متاحاً للحوار:
حافظ على باب الحوار مفتوحاً بجوار طفلك، وشجِّعه على طرح مزيد من الأسئلة إذا كان لديه مزيد من الاستفسارات في المستقبل.
6. قدِّم دعماً عاطفياً:
إذا كانت الأسئلة تسبب لطفلك القلق أو الارتباك، فحاول أن تعبِّر عن فهمك وأن تقدِّم الدعم العاطفي له، وأكِّد له أنَّه يمكنه دائماً طرح الأسئلة والحصول على إجابات.
7. كن مصدر المعرفة الموثوق:
خصِّص وقتاً للاستماع لطفلك، فلا تكبت أسئلته؛ بل ناقشه، وافتح معه الموضوع مرة ثانية إذا أحسست بأنَّ طفلك لم يحصل على الإجابة المناسبة أو الشافية له في المرة السابقة.
8. كن صبوراً:
قد يعيد طفلك طرح ذات السؤال مراراً وتكراراً، فقد ينسى تفاصيل حواركما أو يتفتَّح ذهنه على أفكار جديدة تخصُّ الموضوع، وعندها كن هادئاً واستمع لطفلك وناقشه، وحاول قدر الإمكان أن تكون إجابتك ذاتها، كي لا يحصل ارتباك للطفل باختلاف إجابتك في كل مرة يطرح السؤال.
كيف تجيب عن أسئلة طفلك المُحرِجة التي لا تعرف إجابتها؟
عندما يسألك طفلك سؤالاً مُحرِجاً لا تعرف إجابته، يمكنك متابعة النصائح الآتية:
1. كن صادقاً:
قد تكون أمام فرصة لتعليم طفلك قيمة الصدق، فقل له بصراحة إنَّك لا تعرف الإجابة، وإنَّك ستحاول مساعدته على العثور عليها.
2. ابحث مع طفلك:
استخدم الفرصة للبحث والاكتشاف مع طفلك، فابحث معه في الكتب أو على الإنترنت للعثور على معلومات صحيحة وموثوقة.
3. تحدَّث إلى مختص:
إذا كنت تعتقد أنَّ السؤال يحتاج إلى خبرة خاصة، يمكنك التحدث إلى مختص أو طبيب معين للحصول على إجابة صحيحة وموثوقة.
4. استخدم لغة بسيطة ومناسبة:
استخدم لغة مناسبة لعمر طفلك واجتنب المصطلحات المعقدة، فقد تحتاج إلى أن تسهل الإجابة وتقدِّمها بطريقة يفهمها الطفل.
5. استخدم الفروق:
في بعض الحالات، قد تكون الإجابة تتعلق بموضوعات تفرق بين الأعمار؛ لذا استخدم هذه الفروق لتصحيح طريقة تفكير الطفل حسب عمره.
6. استمع لاهتماماته وقلقه:
قد يكون لدى الطفل أسباب خاصة لاستفساراته، وربما لديه مخاوف محددة، فابقَ هادئاً، واستمع جيداً لما يقوله، ثم رد باحترام وأكِّد له أنَّك تهتم بمشاعره ولا تستهين بها.
تذكَّر أنَّه في بعض الأحيان قد تحتاج إلى تأجيل الإجابة أو مناقشة الموضوع في وقت لاحق بشكل أفضل: لا تتردد في أخذ الوقت اللازم لإيجاد إجابة مناسبة.
نصائح للتعامل مع أسئلة طفلك المُحرِجة:
عندما يواجهك طفلك بأسئلة مُحرِجة، قد تحتاج إلى بعض النصائح للتعامل مع الموقف، ومنها:
1. احتفظ بالهدوء:
قد تشعر بالصدمة أو الإحراج عندما يطرح طفلك سؤالاً مُحرِجاً، لكن حافظ على هدوئك ولا تُظهِر رد فعل سلبي؛ بل إنَّها فرصة لك لبناء ثقة صحية وفتح خطوط الاتصال بينك وبين طفلك.
2. ابقَ منفتحاً:
سيعزز كونك منفتحاً ومتسامحاً مع أسئلة طفلك المُحرِجة رغبته في التحدث إليك بصدق وثقة، فقد تجد نفسك في مواقف غير مألوفة وتحتاج إلى الاستعداد لذلك.
3. قدِّم إجابة مناسبة لعمره:
اعتمد على تطور الطفل وعمره عند تقديم الإجابة، واستخدم لغة بسيطة ومناسبة لمستواه العقلي وقدرته على الفهم، وابتعد عن المعلومات المتقدمة والمفاهيم المعقدة.
4. شجع النقاش:
بدلاً من تقديم إجابة واحدة فقط، حاول تشجيع النقاش والاستكشاف، فاطرح على طفلك أسئلة استدراكية، واستمع بتركيز إلى ما يقوله، فهذا يساعده على استكشاف مزيد من الأفكار والتفكير النقدي.
5. استخدم الفرص التعليمية:
قد تكون أسئلة طفلك المُحرِجة فرصة لتقديم معلومات تعليمية؛ لذا عزز التوعية والتقبل الذاتي، واستخدم المواقف لتعليم الطفل الحقوق الشخصية واحترام الآخرين.
6. رد بصدق
في حالة عدم معرفتك للإجابة عن سؤال محدد، فلا تتردد في قول: "أنا لست متأكداً، لكن دعنا نبحث ونعرف معاً"، فقد يكون هذا تشجيعاً للتفاعل المشترك والتعلم المستمر لك ولطفلك.
وكل شخص يمر بمرحلة معينة حتى يتجاوز أسئلة الأطفال المُحرِجة؛ إذ تعتمد هذه المرحلة على تطور ونضج الطفل وتجاوبه مع المعلومات التي يحصل عليها، وعموماً، قد يطرح الأطفال في المراحل الأولى من التطور العقلي والاجتماعي كثيراً من الأسئلة المُحرِجة، ومع مرور الوقت، يزداد فهمهم للعالم ويصبحون أكثر وعياً بالحساسيات الاجتماعية والثقافية.
عادةً ما تبدأ مرحلة انتهاء الأسئلة المُحرِجة في سن المراهقة؛ إذ يبدأ الشباب بالتركيز على قضايا مختلفة، ويكتسبون قدراً أكبر من المعرفة والتجارب الشخصية، ويهتم الشباب فيما بعد بالتفكير بأسئلة معقدة أكثر وفلسفية.
في المجمل، يختلف وقت توقُّف الأسئلة المُحرِجة من طفل لآخر، فإذا كنت تواجه الآن كثيراً من هذه الأسئلة، فمن الهام أن تكون مستعداً للاستماع والرد بطرائق يمكن للطفل فهمها وقبولها، وقد تحتاج أيضاً إلى إرشادهم إلى مصادر موثوقة للمعلومات عندما تصبح الأسئلة معقدة للإجابة عنها.