السينما وصورة العرب (6).. Rules of Engagement فيلم يصور أمريكا ضحية لليمنيين
نستعرض على مدار سلسلة تمتد 15 يوما، حلقات تتضمن حديثا عن السينما الأمريكية وعلاقتها بتكوين صورة مشوهة عن العرب بعد أحداث 11 سبتمبر، وكيف تنهار هذه الصورة وتتفتت بسبب منصات التواصل الاجتماعي، من خلال كشف مدى مساهمة الحكومات الأمريكية في قهر الشعب الفلسطيني والمساعدة على إبادته على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
كانت الحرب على غزة، هي الحجر الضخم الذي حرك المياه الراكدة بعد سنوات من تكريس صورة معينة عن العرب كإرهابيين، في عشرات الأفلام، ذات الإنتاجات الضخمة، ولكن في عصر منصات التواصل الاجتماعي يرى العالم ما يحدث من قتل وإبادة مباشرة ويستطيع كل فرد الحكم بنفسه وتحديد موقفه.
العديد من المواقف عكست هذا التغير، من الجندي الأمريكي الذي أحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، إلى الشباب الذين أعادوا اسم أسامة بلادن إلى التريند على منصات التواصل الاجتماعي لقراءة رسالته إلى أمريكا، ومحاولة فهم لماذا يكره هذه الدولة، إلى جانب المئات من الاحتجاجات السلمية والوقفات الصامتة التي تُجرى على أرض الولايات المتحدة دعما لفلسطين منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، وعشرات التوقيعات على رسائل تطالب بوقف إطلاق النار، ووقف الحرب في غزة من مشاهير هوليود مثل: جون ستيوارت، وخواكين فينيكس، ومارك روفالو، ورامي يوسف، وريز أحمد وغيرهم، كما شارك البعض بشكل مباشر في مظاهرات في الشارع مثل سوزان ساندرون.
• قواعد الاشتباك/ Rules of Engagement
تسبب هذا الفيلم في ضجة كبيرة عند عرضه، حيث اعتبرته اليمن تشويها لصورتها واتهاما لشعبها بالهمجية والتوحش، كما حاولت الخارجية الأمريكية تحسين الصورة والدفاع عن صناع الفيلم، الذي أنتجته شركة باورماونت بيكتشرز عام 2000، من بطولة صامويل آل جاكسون وتومي لي جونز وإخراج وليام فريديكن وسيناريو ستيفن غاغاهان.
يصور صناع الفيلم الولايات المتحدة، أنها ضحية للهمجية والوحشية، من خلال لقطات السفير وزوجته وطفله الذين تمت محاصرتهم داخل السفارة في اليمن من قبل مجموعة من "الغوغاء والهمجيين اليمنيين الذين يريدون الاعتداء على السفير وقتل عائلته".
تدور أحداث الفيلم عام 1996 حيث يجد تشايندر الذي ينتمي لوحدة المشاة البحرية، نفسه محاصرا ومضطرا لحماية السفير، ويسعى إلى إخراج السفير الأمريكي في اليمن من السفارة، وبعد المظاهرة الاحتجاجية التي قام بها أبناء البلد ضد الوجود الأمريكي في المنطقة وإطلاقهم النار على العلم الأمريكي، "اضطرت" القوات البحرية لإطلاق النار على المدنيين، ما أسفر عن مقتل 83 متظاهرا، بأوامر من تشايندر، الذي أبرز الفيلم أنه مقاتل له جذور إفريقية.
تحاول الكاميرا خلق تعاطف مع تشايندر، فنجد أنها تستخدم الكادرات القريبة من وجهه لتعكس حالة الألم والأسى التي يعانيها هذا الأمريكي، بعد أن قتل عددا من الأرواح، لكنه يشعر بالألم من أجلهم "وكأنهم هم من اضطروه لفعل ذلك".
تم تحويل تشايندر إلى المحكمة العسكرية بتهمة عصيان قواعد الاشتباك، في الحادث العسكري الذي وقع في السفارة الأمريكية في صنعاء، ما أدى إلى قتل العديد من المدنيين من قبل المارينز.
يضع العمل مجموعة من المشاهد، التي يحاول من خلالها التعبير عن البيئة اليمنية، فتظهر كل الأشياء بدائية وكأن هؤلاء البشر يعيشون في عصر ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى مشاهد لحلقات الذكر التي تصورهم كأشخاص مجاذيب فاقدي العقل، وهنا يربط بين مشاهد حلقات الذكر وبين طفلة مقطوعة الساق، تسير على عكازين، كضحية من ضحايا مجزرة السفارة، ولكن المحامي (الشخص الأمريكي الذي جاء للتحقيق في الحادث لأن بالتأكيد اليمن ليس لديها القدرة على التحقيق كما ترى أمريكيا) يتجول في السوق وينظر للطفلة وإلى حلقة الذكر وكأنها ضحية هؤلاء الذين يتحولون إلى متطرفين دينيين.
هذا الفيلم قبل أحداث 11 سبتمبر، ولكنه يشير إلى تركيز هوليود على تصوير العرب بصور نمطية قبل هذا الحادث، ويؤكد هذا بحث بعنوان " Reel Bad Arabs: How Hollywood Vilifies a People" الذي أشار إلى أن "الصور الحية على شاشتي السينما والتلفزيون للعرب تضعهم داخل الصور النمطية والكليشيهات، وبناءً على دراسة أكثر من 900 فيلم، يظهر كيف يتم دفع رواد السينما إلى الاعتقاد بأن كل العرب مسلمون وكل المسلمين عرب، لقد أظهرت عدسات صانعي الأفلام، العرب على أنهم متعصبون دينيون بلا قلب ووحشيون وغير متحضرين، ولديهم كراهية عميقة ضد اليهود والمسيحيين، وإظهار حب الثروة والسلطة، 5% فقط من الأدوار السينمائية العربية في العينة المذكور تصورهم شخصيات بشرية عادية".
حاولت الولايات المتحدة تهدئة الغضب اليمني عند عرض الفيلم، وصرحت السفيرة الأمريكية لدى اليمن وقتها واعتبرت الفيلم مهينا لليمن وعنصريا ومعاديا للعرب، وقالت السفيرة باربرا بودين إن فيلم "قواعد الاشتباك" الذي يعرض في دور العرض الأمريكية في الوقت الراهن "غبي ومهين، ولكن اعتقد أن الفيلم لا يستهدف اليمن بالتحديد، وأن الأشخاص الذين أنتجوا الفيلم لا يعرفون أين تقع اليمن، وأن الأمر لا يعدو أنهم التقطوا الاسم".
وصرحت شركة باراماونت التي أنتجت الفيلم بأنه قصة خيالية تعكس نتائج التطرف في شتى صوره.