الحرمان من النوم يمكن أن يحسين الحالة المزاجية لمرضى الاكتئاب
من المعروف أن الحرمان من النوم يمكن أن يضر بالصحة عموما، وقد يؤدي إلى حالات خطيرة كمرض السكري وأمراض القلب والسمنة وغيرها.
وبحثت دراسة أجرتها كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا، في ظاهرة مناقضة على ما يبدو لهذا الاعتقاد تتمثل في أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات كالاكتئاب.
وفي الورقة البحثية التي نشرتها مجلة PNAS، قال الباحثون إن اللوزة هي منطقة دماغية محورية تتأثر بالاكتئاب، وأظهرت هذه الدراسة أن عدم النوم لليلة واحدة يعزز اتصال اللوزة بالقشرة الحزامية الأمامية وهذا يرافقه تحسن الحالة المزاجية لدى بعض الأفراد الأصحاء والمصابين بالاكتئاب على حد سواء.
وقام فريق البحث برسم خريطة لنشاط منطقة الدماغ من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة لمعرفة سبب تلقي بعض الأشخاص دفعة صحية مما يعد سلبيا بالنسبة لمعظم الناس.
ووجدت الدراسة أن ليلة واحدة من الحرمان الكلي من النوم عززت اتصال اللوزة بالقشرة الحزامية الأمامية، والتي ارتبطت بمزاج أفضل لدى بعض الأفراد الأصحاء والمصابين بالاكتئاب.
وفي تجارب الحرمان من النوم التي أجريت على كل من الأفراد الأصحاء، والمرضى الذين يعانون من اضطراب اكتئابي كبير، إلى جانب 16 عنصر تحكم سُمح لهم بالنوم دون انقطاع، اكتشف الباحثون آثار الحرمان الكلي من النوم (TSD) على الحالة المزاجية وشبكات الاتصال الوظيفية.
تم إجراء التجارب في مختبر مركز الأبحاث التطبيقية في مستشفى جامعة بنسلفانيا لمدة خمسة أيام متتالية.
وقد خضع جميع المشاركين لثلاث جلسات مسح rs-fMRI. وتم الحصول على ما مجموعه 210 صور بالرنين المغناطيسي الوظيفي لكل مشارك.
وخضع المشاركون لثلاث جلسات مسح بالرنين المغناطيسي الوظيفي في حالة الراحة على مدار خمسة أيام. جاء الفحص الأول بعد نوم عادي ليلا في صباح اليوم الثاني كخط أساس. وفي مجموعة الحرمان الكلي من النوم، أجرى المشاركون جلسة المسح الثانية في صباح اليوم الثالث بعد عدم النوم.
ثم سُمح للمشاركين بنوم مريح لمدة ليلتين وخضعوا لجلسة المسح الأخيرة في صباح اليوم الخامس من التجربة.
وأكمل جميع المشاركين نسخة مختصرة من 37 بندا من ملف تعريف بالحالة المزاجية كل ساعتين خلال الأيام من الثاني إلى الخامس.
وكما كان متوقعا، أظهر معظم المشاركين حالة مزاجية كانت تزداد سوءا فور ليلة من الحرمان من النوم. فيما شهد 13 من أصل 30 (43%) من المشاركين المكتئبين تحسنا في الحالة المزاجية، و عانى المشاركون الـ 17 الآخرون من تدهور الحالة المزاجية أو عدم تغيرها بعد ليلة واحدة من الحرمان الكلي من النوم.وبعد ليلة واحدة من النوم المريح، شهد 20 مشاركا ممن يعانون من اضطراب الاكتئاب الشديد تحسنا في الحالة المزاجية، وعانى المشاركون الباقون من تدهور في الحالة المزاجية أو من عدم تغير حالتهم.
وزاد اتصال اللوزة إلى القشرة الحزامية الأمامية بشكل ملحوظ في المرضى الذين شهدوا تحسنا في المزاج ولكن أقل في أولئك الذين لم يتحسن مزاجهم.
واللوزة هي جوهر الاستجابة للقتال أو الهروب، حيث تعالج المحفزات المخيفة أو المهددة وترسل إشارات إلى أجزاء أخرى من الدماغ لاتخاذ إجراء استجابة.
وتشارك منطقة القشرة الحزامية الأمامية (ACC) في كل من الجهاز الحوفي "العاطفي" وقشرة الفص الجبهي "المعرفية". ومن بين أمور أخرى، تلعب دورا مهما في القدرة على التحكم في الحالات العاطفية وإدارتها أو التأثير على التنظيم.
وتشير النتائج إلى أن اتصال شبكة اللوزة - القشرة الحزامية الأمامية قد يعكس المرونة العصبية لاضطراب المزاج بعد فقدان النوم، وبالتالي قد يكون هدفا محتملا للتدخلات المضادة للاكتئاب. ووفقا للباحثين، قد تكمن إحدى التفسيرات المحتملة للاختلافات الفردية في تأثير الحرمان الكلي من النوم في مدة نوم حركة العين السريعة (REM).
ارتبط الاكتئاب الشديد سابقا بخلل في نوم حركة العين السريعة. وقد يؤدي النوم الزائد في مرحلة حركة العين السريعة إلى تقليل النورأدرينالين، ما يؤدي إلى انخفاض الارتباط بمستقبل ɑ-2 في الفصوص الأمامية الوسطى المكونة من منطقة القشرة الحزامية الأمامية وقشرة الفص الجبهي.
وقد يؤدي غياب نوم حركة العين السريعة مع الحرمان الكلي من النوم إلى منح بعض المشاركين استراحة لتحسين التحكم من أعلى إلى أسفل في اللوزة، ما يؤدي إلى التأثير المضاد للاكتئاب.