وزير الخارجية: علينا مساعدة الشعب السوري على طي الصفحة الحزينة
قال سامح شكري، وزير الخارجية، إنّ الاجتماع الذي عقد في الجامعة العربية اليوم، يتيح المجال للتشاور والتنسيق بشأن تطورات الأوضاع في سوريا، ويجدد دعمنا لأشقائنا في سبيل سعيهم للخروج من أزمتهم المستمرة في أقرب الآجال، والتي امتدت تبعاتها السلبية من إرهاب، ودمار، ونزوح، ولجوء، إلى سائر دول المنطقة والعالم، وصولا إلى فقدان شعب شقيق له إسهامات تاريخية في الحضارة العربية لمفهوم الوطن الآمن.
وأضاف شكري، الذي يترأس الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري بشأن سوريا، باعتباره رئيس الدورة الحالية الـ159 للمجلس: «استمرت معاناة أشقائنا السوريين عام تلو الآخر، بل وتفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وتعدد التدخلات الخارجية فيها، وانصراف انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا أخرى، ما أنتج حالة من الجمود التام طالت لسنوات، وهو أمر كان لا يمكن لنا كدول عربية السكوت عنه، بعدما بات مصير الشعب السوري بأطيافه كافة مرتبطا بالمواءمات على الساحة الدولية، التي تشهد حالة من الاستقطاب غير المسبوق، وأصبح رهينة للجماعات الإرهابية التي زجت إلى الساحة السورية بواسطة دول وتنظيمات لتحقيق أغراض سياسية، حيث كرست وجودها على الأراضي السورية، وبقي الشعب السوري بمفرده في مواجهة تحديات عديدة ومتراكمة أثقلت كاهله».
وتابع وزير الخارجية: «صار التساؤل المشروع في هذا السياق عما حققته نتائج تدويل أزمة دولة عربية شقيقة، وعن حقوق ومستقبل أبناء شعبها»، مشددا على أنّ الدول العربية تولي أولوية كبيرة لأن يكون لها إسهاماتها الملموسة والمباشرة في صياغة حلول أزماتنا، وهو الأمر الذي يحظى باهتمام خاص في مصر، انطلاقًا من إيماننا بمبدأ الحلول العربية للقضايا العربية، وتكاتف وتضامن الأشقاء في تجاوز التحديات، وبأهمية تفعيل الدور العربي القيادي لتسوية قضايانا بأنفسنا، والنأي بها عن التعقيدات الدولية والإقليمية الأخرى حفاظا على مصالحنا المشتركة، وأوطاننا، وأمنها.
وأكد شكري، أنّ جميع مراحل الأزمة السورية أثبتت أنّه لا حل عسكريا لها، وأنّه لا غالب ولا مغلوب في هذا الصراع، بل حذّرت مصر على مدار السنوات الماضية ومنذ بداية الأزمة من تداعيات الصراع المسلح في سوريا ومحاولة الحسم العسكري، ولم تلق هذه التحذيرات آذان صاغية.
وأوضح: «نحن على اقتناع تام بأنّ السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية، واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية، على نحو يتماشى مع المرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 2254، ويلبي تطلعات الشعب السوري ويحقق آماله المشروعة في غد أفضل، ويضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامتها الإقليمية وعروبتها، وينهي كل مظاهر التدخلات الخارجية في شئونها بما في ذلك الاعتداءات على أراضيها، ويفضي إلى القضاء على جميع صور الإرهاب وتنظيماته والفكر المتطرف دون استثناء، ويوفر البيئة المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين، ويفتح المجال أمام البناء والتنمية مما سيعزز من عناصر الاستقرار في الوطن العربي والمنطقة».
وتابع قائلا: «من هذا المنطلق، واصلت مصر جهودها، بالتعاون مع أشقائها العرب، والدول الصديقة، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، من أجل الإسهام في تحقيق هذه الأهداف».
وجاءت الاجتماعات العربية الأخيرة التي استضافتها المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، في إطار تفعيل الدور العربي في حل الأزمة السورية من خلال مقاربة تنفيذية وفق منهجية «خطوة مقابل خطوة» وبما يهدف لمعالجة جميع تبعات الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية.
وقال إنّه مما لا شك فيه أنّ انضمام الجمهورية العربية السورية إلى البيان الختامي لاجتماع عمان يوم الأول من مايو الجاري، تطور إيجابي وخطوة مهمة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون «العربي - العربي» لحل الأزمة السورية، ونتطلع في هذا السياق إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات اجتماع عمان، ودعم المجتمع الدولي لها.وقال إنه في الوقت الذي تضطلع به الدول العربية بمسئولياتها في دفع الحل السياسي للأزمة في سياق الجمود الدولي الحالي، كما نشدد أنّ الحكومة السورية عليها المسؤولية الرئيسية في الوصول لهذا الحل، وتنفيذ الالتزامات ذات الصلة، ونجدد كذلك التأكيد على ضرورة وفاء الدول المعنية بالأزمة والمجتمع الدولي بالتزاماتهم تجاه الشعب السوري.
وأضاف أنّه من هذا المنبر، نعيد التأكيد على ضرورة إعلاء مفهوم الوطن الجامع الآمن، ووفاء الحكومة السورية، والقوى الوطنية والمكونات السورية، والمجتمع الدولي، والدول المعنية بالأزمة، بالتزاماتها كل تجاه الآخر، لتعود سوريا إلى السوريين موحدة، ومستقرة، ومستقلة، كما نحب أن نراها، فلا يستقيم أن يكون من بين أبناء أمتنا العربية من هو لاجئ أو نازح أو متضرر من ويلات الإرهاب والاختطاف والحروب والكوارث.
وفي ختام كلمته، أعرب عن تطلعه إلى المزيد من النقاش وتبادل وجهات النظر بين الدول أعضاء الجامعة حول جهودنا في الشأن السوري، ومسارات تفعيل آليات العمل العربي المشترك من أجل رفع معاناة الشعب السوري العزيز، قائلا: «علينا جميعا مسؤولية تاريخية لنقف إلى جواره، ومساعدته على طي صفحة حزينة وطويلة من تاريخه وتاريخ الشعوب العربية».