السفير الصيني يؤكد ثقة بكين في قدرة مصر على تجاوز التحديات الحالية والحفاظ على التنمية الاقتصادية
أعرب سفير الصين بالقاهرة لياو ليتشيانج عن ثقة بكين في قدرة مصر على تجاوز التحديات الحالية والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وإحراز تقدم جديد في مسيرتها نحو بناء "الجمهورية الجديدة"، وتحقيق إنجازات جديدة في استكشاف طريق التحديث بشكل مستقل بالرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن.
وقال السفير -في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن مصر تحت القيادة الحكيمة للرئيس عبد الفتاح السيسي استطاعت أن تتعامل مع جائحة كورونا وحافظت على النمو الاقتصادي الإيجابي بفضل الإجراءات التي اتخذها الحكومة المصرية، مضيفا أن مؤشرات الاقتصاد الكلي لمصر شهدت بوادر التحسن حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 6ر6 في المائة خلال العام المالي 2021 و2022.
وأكد ليتشيانج على الطابع الاستراتيجي الشامل للعلاقات بين مصر والصين وأن التعاون العملي حقق قفزة تاريخية، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر لتسع سنوات متتالية، وهي من أكبر المستثمرين في البلاد وأسرعهم نموًا.. مشيرًا إلى أن اجتماع الرئيسين عبد الفتاح السيسي وشي جين بينج على هامش القمة الصينية-العربية الأولى في ديسمبر الماضي ضخ دماء جديدة لترسيخ الثقة السياسية المتبادلة، وتوسيع مجالات التعاون المتبادل المنفعة، ورسم الطريق لمستقبل العلاقات الصينية المصرية.
وأوضح أن بكين تحرص على العمل مع مصر لبناء مجتمع المستقبل المشترك بين البلدين ومع الدول العربية، وتعزيز التنسيق لتنفيذ "المشروعات التسعة" في إطار منتدى التعاون الصيني- الإفريقي، و"الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي الصيني-العربي، وتعميق التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وكذلك الدفع بإنجاز مشروع السكة الحديدية بمدينة العاشر من رمضان ومنطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في الموعد المحدد ومشروعات التعاون الكبرى في منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر (تيدا) بالسويس.
وأفاد بأن بكين تحرص على استيراد المزيد من المنتجات المصرية العالية الجودة، وتوسيع التعاون في مجالات الاستثمار والتمويل والتحول نحو الطاقة الخضراء والصناعات الخضراء والتكنولوجيا المنخفضة الكربون والفضاء، والبحث عن مجالات جديدة للتعاون.. مشيرا إلى أن الصين أدرجت مصر في قائمة الدفعة الأولى للمقاصد السياحية الأجنبية للمواطنين الصينيين.. معربا عن ثقته في أن أعداد السائحين الصينيين سوف تزداد في المستقبل.
وعن الاستثمارات، قال ليتشيانج إن الصين استثمرت 560 مليون دولار في مصر في العام المالي 2021 - 2022 بزيادة 16 في المائة على أساس سنوي، وهو ما يمثل 3ر6 في المائة صافي تدفقات رأس المال الأجنبي إلى مصر.
وأوضح أن الشركات الصينية تركز استثماراتها في قطاعات استخراج النفط والغاز والخدمات والتصنيع والبناء وتكنولوجيا المعلومات، وأن الشركات الصينية الكبيرة مثل "سينبوك" و"جوشي" للألياف الزجاجية و"تشن خوا" للبترول ومجموعة "نيو هوب" لها استثمارات كبيرة.. مؤكدا أن منطقة (تيدا) بالسويس تعد المشروع النموذجي للتعاون في بناء "الحزام والطريق"، وقد أصبحت أفضل حديقة صناعية في مصر من حيث البيئة المتكاملة والكثافة الاستثمارية والإنتاجية وعدد الشركات الصينية.
وأشار السفير إلى تنفيذ مشروعات الحديقة الأيكولوجية ومصنع "أوبو" للهواتف المحمولة والمرحلة الثالثة لمنطقة (تيدا) يسير بخطى سريعة ومتقدمة.. معربا عن اعتقاده بأن الاستثمارات الصينية سوف تزداد في المستقبل وأن هناك المزيد من الشركات الصينية تتخذ مصر كوجهاتها المفضلة للاستثمار.
وعن القضية الفلسطينية، أكد ليتشيانج أهمية حل القضية الفلسطينية لضمان السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، قائلًا: "لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني إلى ما لا نهاية، ولا يمكن الاتجار بالحقوق الوطنية المشروعة، ولا يمكن نقض المطالبة بإقامة دولة مستقلة".
وشدد على ضرورة أن يلتزم المجتمع الدولي بـ"حل الدولتين" ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، والعمل بحزم على إحلال السلام، وتوسيع المساعدة الإنسانية والإنمائية للشعب الفلسطيني، والدفع نحو حل القضية بشكل عادل وسريع.. مؤكدا أن بكين ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لفلسطين، ودعمها في تنفيذ المشروعات المعيشية، وبذل جهود دؤوبة لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.
وأكد أن الصين ليست لديها مصلحة أنانية في الشرق الأوسط، وتحترم مكانة دولها، وتعارض المنافسة الجيوسياسية في المنطقة، ولا تنوي على الإطلاق ملء ما يسمى بـ"الفراغ" أو تشكيل دائرة ضيقة إقصائية.. مشيرا إلي حرص الصين على تعزيز التنسيق مع مصر، باعتبارها دولة مهمة في المنطقة، والعمل معها من أجل تعزيز الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية والازدهار وتدعيم التضامن والتعاون في منطقة الشرق الأوسط.
ونوه إلى أن الصين نجحت مؤخرا في التوسط في عقد حوار بين السعودية وإيران والذي حقق نتائج لا تسهم فقط في تحسين العلاقة بين البلدين فحسب، بل تشكل نموذجا مهما لتعزيز التضامن والتعاون بين دول المنطقة وتخفيف حدة التوتر، وحظيت الوساطة الصينية بتقدير واسع النطاق من المجتمع الدولي.
وعن الثقافة، قال ليتشيانج إن وزير الثقافة والسياحة الصيني هو خبينغ بحث خلال زيارته الأخيرة لمصر مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزير السياحة والآثار أحمد عيسى ووزيرة الثقافة نيفين الكيلاني سبل تعزيز التعاون وتم التوصل إلى توافقات مهمة حول تعميق التعاون الصيني المصري والتعاون الصيني العربي في مجالي الثقافة والسياحة.
وأضاف أن الوزير الصيني حضر حفل الافتتاح فعالية "طريق الحرير: ملتقى الفنانين -- معرض الأعمال الإبداعية للفنانين الصينيين والعرب البارزين" وصالون الحوار بين الفنانين الصينيين والعرب وقد ألقى رسالة من الرئيس شي جين بينج إلى الفنانين العرب حيث تسجل الحضارتان العربية والصينية بشكل متواصل عبر آلاف السنين قصصًا تاريخية رائعة للاستفادة المتبادلة من طريق الحرير القديم إلى التعاون في بناء "الحزام والطريق".
وأعرب عن أمله في أن يزور عدد أكبر من الفنانين العرب إلى الصين لإبداع المزيد من الأعمال الفنية التي من شأنها تعزيز التواصل الثقافي بين الجانبين، وتبادل الخبرات والأفكار حول الصين مشيرا إلي أن الرئيس الصيني طرح مؤخرا مبادرة الحضارة العالمية التي أكدت ضرورة احترام التنوع الحضاري في العالم وتكريس القيم المشتركة للبشرية جمعاء والاهتمام بتوارث الحضارة وابتكارها وتعزيز التواصل والتعاون الشعبي على المستوى العالمي.
وأكد حرص الصين علي مواصلة التعاون مع مصر وغيرها من الدول العربية على تعميق التواصل والتعاون الشعبي وتنفيذ برنامج "طريق الحرير الثقافي" على نحو شامل، وترجمة التوافقات المهمة في القمة الصينية العربية إلى العمل المشترك للأوساط الثقافية والفنية على الأرض، بما يفتح مشهدا جديدا للتواصل الشعبي والتلاحم الثقافي وتفاهم العقليات بين الصين ومصر وغيرها من الدول العربية.