دراسة صادمة: أطفالنا مهددون بالعمى بسبب الشاشات.. والسر في قصر النظر

حذر الأطباء بالمملكة المتحدة من ارتفاع مخيف في معدلات قصر النظر لدى الأطفال والمراهقين حول العالم، في ظاهرة وصفها الخبراء بأنها "كارثة صحية عامة تتفاقم بصمت".
وبحسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، دق البروفيسور روب جالاوي، وهو طبيب وأبٌ لخمسة أطفال، ناقوس الخطر بشأن الخطر المتزايد الذي تشكله الشاشات على نظر الجيل الجديد.
قصر النظر يتضاعف عالميًا: شاشات أكثر، ضوء طبيعي أقل
ووفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في المجلة البريطانية لطب العيون، فإن معدلات قصر النظر بين الأطفال تضاعفت ثلاث مرات بين عامي 1990 و2023، حيث يعاني الآن أكثر من ثلث المراهقين عالميًا من هذه الحالة.
ولايعود السبب الأساسي فقط للعوامل الوراثية، بل إلى التحولات السلوكية في نمط حياة الأطفال: قلة التعرض للضوء الطبيعي مقابل الزيادة المستمرة في استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
كيف تعيد الشاشات تشكيل عيون أطفالنا؟
يشير الخبراء إلى أن التركيز الطويل على الشاشات والأعمال القريبة يؤدي إلى تغييرات هيكلية في العين، وتحديدًا في شكل مقلة العين التي تطول أكثر من اللازم، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة لمضاعفات خطيرة مثل انفصال الشبكية، والزرق، والتنكس البقعي المرتبط بقصر النظر الشديد.
ويؤدي الضوء الطبيعي دورًا وقائيًا حاسمًا، إذ يُحفز إفراز الدوبامين في العين، مما يمنع نموها المفرط ويحافظ على توازنها البصري.
دقيقة واحدة إضافية قد تُحدث فرقًا: أرقام تحذيرية
حللت دراسة واسعة من جامعة سيول الوطنية بيانات لأكثر من 335 ألف طفل، ووجدت أن كل ساعة إضافية من وقت الشاشة يوميًا تزيد خطر الإصابة بقصر النظر بنسبة 21%. الخطر يبدأ حتى من أول ساعة يومية، ما يجعل تقليل وقت الشاشة إلى أقل من ساعة أولوية قصوى لحماية بصر الأطفال.
قصر النظر ليس مجرد نظارات: المضاعفات أكثر خطورة
بعيدًا عن الحاجة لاستخدام النظارات، فإن قصر النظر الشديد يحمل مضاعفات تهدد البصر بشكل دائم. تمدد مقلة العين يؤدي إلى ترقق الشبكية وزيادة هشاشتها، ما يرفع خطر الانفصال الشبكي.
كما أن التغيرات الهيكلية تضغط على العصب البصري وتزيد احتمالات الإصابة بالجلوكوما، ويمكن أن تتطور الأعراض إلى اعتلال بقعي قِصَري، وهو شكل من أشكال التنكس البقعي يمكن أن يسبب فقدانًا دائمًا للبصر.
حلول بسيطة تبدأ من البيت والمدرسة
تشجيع الأطفال على قضاء وقت أطول في الهواء الطلق هو الحل الأسهل والأكثر فاعلية. أظهرت تجارب في تايوان أن تخصيص 80 دقيقة يوميًا في الهواء الطلق أدى إلى خفض معدلات قصر النظر إلى النصف بين طلاب المدارس.
كما أن تعريض الأطفال لمشاهد طبيعية مثل صور الأشجار والسحب يمكن أن يبطئ من تطور قصر النظر، بحسب دراسات أجريت في الصين.
قاعدة 20-20-20: سلاح يومي للوقاية البصرية
ينصح الأطباء باتباع قاعدة 20-20-20: كل 20 دقيقة من استخدام الشاشة، على الطفل أن ينظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية على الأقل.
كما يوصى الأطباء بتقليل استخدام الشاشات للترفيه، خاصة قبل النوم، وتخصيص أوقات منتظمة للنشاطات الخارجية في الهواء الطلق.
قطرات الأتروبين: أمل علاجي جديد يبطئ تقدم قصر النظر
أحدث مراجعة شاملة أجرتها مؤسسة كوكرين ريفيو خلصت إلى أن استخدام قطرات الأتروبين منخفضة الجرعة قد يكون علاجًا فعالًا لإبطاء تطور قصر النظر لدى الأطفال. هذه القطرات لا تُعالج المشكلة جذريًا لكنها تُبطئ التغيرات الهيكلية في العين عبر تثبيط مستقبلات محددة في الشبكية والجدار الخارجي للعين.
بين العلاج والوقاية: أعين الأطفال مسؤوليتنا
رغم توفر علاجات للبالغين مثل جراحات الليزر أو زراعة العدسات، فإن الوقاية في مرحلة الطفولة تظل الخيار الأفضل والأقل تكلفة. فمع الوعي والإجراءات البسيطة اليومية، يمكن تجنيب ملايين الأطفال حول العالم من تحديات بصرية قد تلازمهم مدى الحياة.