خطوة ثورية.. برمجة العقل للتخلص من أعراض الألم المزمن

في خطوة علمية جديدة قد تغيّر قواعد التعامل مع الألم المزمن، كشفت دراسة حديثة من جامعتي ولاية بنسلفانيا وويسكونسن ماديسون عن نتائج مبشرة لعلاج آلام أسفل الظهر المزمنة باستخدام أساليب علاجية نفسية، دون الحاجة إلى أدوية أو مواد أفيونية.
ملايين يعانون والأرقام صادمة
تشير تقديرات مؤسسة الألم الأمريكية إلى أن أكثر من 51 مليون أمريكي يعانون من ألم مزمن، فيما تصل التكلفة السنوية الناتجة عن الألم في الولايات المتحدة إلى 635 مليار دولار، تتوزع بين نفقات طبية مباشرة، وخسائر إنتاجية، وتعويضات عجز.
ويُعد ألم الظهر من أبرز الأسباب وراء هذه الخسائر، إذ تشير التقديرات إلى أن 80% من الناس سيعانون منه في مرحلة ما من حياتهم.
علاج دون دواء: التجربة الجديدة
في الدراسة التي شملت 770 مريضاً يعانون من آلام أسفل الظهر المزمنة، تم اختبار نوعين من العلاجات النفسية: العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج القائم على اليقظة الذهنية (MBT). تلقّى المشاركون ثماني جلسات جماعية أسبوعية، مدة كل منها ساعتان، إلى جانب تمارين منزلية يومية.
العقل كمصدر للشفاء
ويركز العلاج السلوكي المعرفي على إعادة تشكيل العلاقة بين المريض وأفكاره ومشاعره، بينما يعتمد العلاج القائم على اليقظة على تقنيات التأمل والتركيز على اللحظة الحاضرة.
ويهدف كلا النهجين إلى كسر دوائر الألم المزمن من خلال التأثير في أنماط التفكير والسلوك.
نتائج توازي فعالية المسكنات
خلال فترة متابعة امتدت لعام كامل، سجّل المشاركون انخفاضاً ملموساً في مستويات الألم، وتحسناً في الوظائف البدنية ونوعية الحياة.
كما تراجعت الحاجة إلى استخدام الأدوية. المفاجأة أن كلاً من العلاجين كانا متقاربين في النتائج، ما يؤكد أن تغيير العلاقة مع الألم قد يكون بنفس فعالية العلاج الدوائي – وربما أفضل على المدى الطويل.
المواد الأفيونية تحت المجهر
أظهر التقرير أن أكثر من 81 ألف وفاة في الولايات المتحدة عام 2022 كانت مرتبطة بالمواد الأفيونية، سواء بوصفة طبية أو من خلال تعاطٍ غير قانوني.
وتأتي هذه النتائج في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى تقليل الاعتماد على هذه المواد واستبدالها بخيارات أكثر أماناً.
العلاج النفسي يوسّع نطاقه
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يثبت فيها العلاج النفسي فعاليته في مجالات غير تقليدية، إذ أظهرت دراسة منشورة في مجلة The Lancet عام 2015 أن العلاج القائم على اليقظة الذهنية يعادل في فعاليته مضادات الاكتئاب في الوقاية من الانتكاسات.
كما بيّنت دراسات أخرى أن هذا النوع من العلاج قد يكون أكثر فاعلية من الأدوية التقليدية في حالات مثل متلازمة القولون العصبي.
دعوة للتغيير في أنظمة العلاج
خلص الباحثون إلى أن الوقت قد حان لتوسيع نطاق استخدام العلاجات النفسية في مواجهة الألم المزمن. وأكدوا ضرورة دعم هذه الأساليب من قبل أنظمة التأمين الصحي وتوفيرها ضمن الرعاية الطبية الأساسية، خاصة مع تصاعد الحاجة إلى بدائل أكثر أماناً وفعالية للمواد الأفيونية.