طرق وقف ”الخناقات” بين أطفال الأسرة.. نصائح للوالدين
يبدو أنَّ المشاحنات بين الأشقاء قد تبدو غير ضارة في البداية، لكن ربما تؤدي إلى تنافس مدمِّر بينهم، ومن ذلك الإساءة اللفظية والجسدية، ويعتقد العديد من الآباء أنَّه يجب على الأطفال حل النزاعات بينهم بأنفسهم دون تدخُّل الوالدين، وهؤلاء الآباء لديهم وجهة نظر صحيحة؛ وذلك لأنَّهم إذا تدخلوا في كل قتال، فلن يتعلم أطفالهم حل النزاعات وحدهم، إضافة إلى ذلك عندما يتدخَّل الآباء ويحاولون معرفة من بدأ الشجار (وهو أمر مستحيل غالباً)، ينتهي بهم الأمر بالانحياز إلى جانب، والانحياز فكرة سيئة.
يعتقد آباء آخرون أنَّ الأطفال بحاجة إلى تدخُّل الوالدين لحل النزاعات، وهؤلاء الآباء لديهم وجهة نظر صحيحة أيضاً، فلا يمكننا أن نتوقع من أطفالنا حل النزاعات بشكل فعال بأنفسهم، فهم بحاجة إلى مساعدة والديهم وتوجيههم، وإنَّهم بحاجة إلى والديهم ليوضحوا لهم كيفية التعايش دون قتال طوال الوقت، وعندما يكون هناك نزاع، فإنَّهم يحتاجون إليهم ليخبروهم بما هو مقبول وما هو غير مقبول عندما يتعلق الأمر بالجدال والقتال.
إذاً ما الذي يجب على الآباء فعله؟ أن يدعوا أطفالهم يتقاتلون؟ أم يتدخلوا باستمرار لوقف النزاعات؟ إنَّه أمر مربك أليس كذلك؟
الحقيقة هي أنَّ التدخل يجب أن يعتمد على الموقف، فالمفتاح هو أنَّ الآباء بحاجة لأن يدرسوا الموقف دراسةً صحيحةً وأن يتعمدوا عدم التفاعل مع أطفالهم، ولمساعدتكم على القيام بذلك، إليكم ست طرائق لإنهاء المشاحنات المستمرة والسيطرة على التنافس بين الأشقاء في منزلك.
1. وضع القواعد الأساسية للجدال في منزلك
ضع قواعد أساسيةً للطريقة التي تتوقع أن يعامل بها الأشقاء بعضهم بعضاً، على سبيل المثال، ضع قاعدة لعائلتك مفادها أنَّه بصرف النظر عن مدى التوتر الذي تتعرض له، فإنَّ الجميع يجب أن يعاملوا بعضهم بعضاً باحترام؛ والاحترام يعني عدم الشتم وعدم الضرب، كما يمكنك أن تقول لأطفالك: "في منزلنا، لا بأس من المجادلة، لكن لا يمكنكم مناداة بعضكم بعضاً بألفاظ سيئة، ولا يمكنكم ضرب بعضكم بعضاً".
2. إخبارهم بالعواقب إذا لم يتبعوا القواعد
امنح الأطفال بعض المساحة للعمل على حل خلافاتهم، وعموماً من الجيد أن تمنح أطفالك بعض المساحة لحل خلافاتهم بأنفسهم، فابقَ هادئاً، ولا تخف من السماح لهم بالمناقشة، وإذا اشتد الجدال ولم يكن محتدماً، فاطلب منهم أن يذهبوا إلى مكان آخر حتى لا يزعجونك، أو قل لهم ببساطة أن ينفصلوا ويأخذوا بعض الوقت حتى يهدؤوا.
3. عدم جعل التنافس بين الأشقاء أسوأ من خلال الانحياز
في كثير من الأحيان دون أن ندرك ذلك نحن الآباء نساهم في مشاعر الغيرة والتنافس لدى أطفالنا من خلال الانحياز إلى أحد الجانبين، ولتحديد ما إذا كان هذا يحدث، لاحظ كيف تتفاعل مع نزاع أطفالك المعتاد.
على سبيل المثال، قال أحد الآباء: "لفترة طويلة كنت ألوم ابني أحمد لكونه المحرض على الصراع مع أخيه، فعندما ألقيت نظرة أكثر دقة، أدركت أنَّني لست عادلاً، وهذا ما اكتشفته، ولاحظت أنَّه عندما يحدث خلاف بين الاثنين، كان أحمد مستعداً للجدال، في حين أنَّ محمداً الذي كان أكثر هدوءاً بين الاثنين يتراجع ويبتعد، وبعبارة أخرى، يميل محمد إلى تجنب الصراع، بينما يميل أحمد إلى مواجهته؛ ونتيجة لذلك وجدت نفسي ألوم أحمد على الخلافات لأنَّه كان يُحدث الضجيج الأكبر ويتحدث كثيراً، وقد كان أحمد على حق عندما أخبرني أنَّني كنت دائماً أقف بجانب محمد!".
النهج الصحيح هو أن تكون محايداً، فلا تنحاز ولا تفترض أنَّك تعرف القصة كاملة، فإذا قمت بذلك وإذا كنت تميل إلى تفضيل طفل على الآخر، فسوف تزيد من التنافس بين أطفالك.
4. تعليم أطفالك كيفية حل النزاعات
في لحظات الهدوء، علِّم أطفالك طرائق لحل النزاعات؛ إذ تتمثل إحدى المقاربات في أن يوضح كل شخص الصراع من وجهة نظره ويفكر في الحلول الممكنة، ثم يختار الطريقة الأفضل لكلا الشخصين، فاستخدم شجاراً حديثاً بوصفه مثالاً وتخطَّ الصراع واكتشف الحل مع أطفالك، وبطبيعة الحال افعل ذلك عندما يكون الجميع هادئين.
5. عدم مقارنة أطفالك.. بل احتضان كل منهم على حدة
تقول "ديبكا بينكوس" مدربة التربية والعلاقات الأسرية والزوجية: "عندما مر أطفالي بفترات من القتال كثيراً، تعلمت أنَّه من الضروري النظر إلى علاقتي وعلاقة زوجي مع كل طفل على حدة، وعندما لاحظت التفاصيل الدقيقة لسلوكي، رأيت بشكل أكثر وضوحاً أنَّني كنت أؤدي دوراً عن غير قصد في شعور أطفالي الحاد والتنافسي تجاه بعضهم بعضاً".
إذا قال لك طفلك: "يبدو أنَّك تحبين أخي أكثر مني"، فقومي بإلقاء نظرة فاحصة على كيفية تعاملك مع كل طفل قبل أن تخبريه أنَّ مشاعره غير صحيحة، على سبيل المثال، لاحظت أنَّني أتصل بزوجي متحمسةً عندما يلعب أحد أولادي مباراة كرة قدم جيدة ويفوز فيها، ولكنَّني لم أفعل ذلك بالضرورة مع إنجازات ابني الآخر، وكنت أفضل عن غير قصد طفلاً واحداً، ومن ثمَّ ساهمت في التنافس بينهما.
مرة أخرى، أشارت أختي بلطف إلى أنَّني أشعر بالقلق على ابن واحد فقط دون الآخر، وقد جعلتني أدرك أنَّني كنت أُسقط احتياجاتي ومخاوفي على طفل واحد لكن ليس على الآخر، كما لاحظ أطفالي هذا الاختلاف.
كان خطئي أنَّني لم أكن أرى كل طفل بوصفه فرداً يتمتع بنقاط قوة وضعف فريدة، ولم تكن وجهة نظري موضوعية، وقد اختار أطفالي ذلك، فمن الهام - وعلى الرغم من صعوبة الأمر أحياناً - أن ترى اختلافات أطفالك دون تصنيفهم على أنَّهم الذكي أو الجميل أو المفيد أو الفوضوي أو الصعب، وفي النهاية من خلال تصنيف أطفالك، فإنَّك تساهم في الخصومات التي تؤدي إلى القتال والمشاحنات.
لذلك لا تستخدم التوصيفات؛ بل تعامل مع كل طفل على حدة ولا تميز بينهم فكل منهم له شخصية ومواهب وحاجات مختلفة، ولا يوجد أحد لديه طفل فوضوي دون الآخر؛ بل لديك فقط طفل يحتاج إلى العمل على الحفاظ على نظافة غرفته، وليس لديك طفل ذكي دون الآخر؛ إنَّما لديك طفل لديه عادات دراسية جيدة وحصل على درجات جيدة في الفصل الدراسي الماضي، وليس لديك طفل كسول دون الآخر؛ بل لديك طفل يحتاج إلى العمل على عدم التسويف.
من خلال عدم الانحياز إلى جانب أو محاولة أن تكون قاضياً من خلال إلقاء نظرة فاحصة على علاقتك مع كل طفل وميولك عند حدوث التوتر بين أطفالك وعدم التسامح مع سلوك التنمر، ستساعد على تقليل صراعات الأشقاء، ولن تتخلص من مشاحنات الأشقاء مهما فعلت، لكن يمكنك أن تجعل منزلك مكاناً آمناً؛ حيث يُنظر إلى كل طفل على قدم المساواة ويحظى بالتقدير لما هو عليه.
يمكن للوالدين أيضاً أن يتسببوا عن غير قصد في التنافس إذا كان الوالد يميل إلى الوثوق في طفل واحد أكثر من الآخر أو مشاركة المعلومات الشخصية أو العائلية مع طفل دون الآخر، وقد يقول الآباء لطفل واحد: "لا تخبر أختك"؛ وذلك لأنَّ الوالد يعتقد أنَّها حساسة للغاية ولا يمكنها التعامل مع الأمر، وهذا يؤدي إلى إنشاء تحالفات وأدوار لا داعي لها، كما يستشعر الشقيق الموجود في خارج التحالف مكانته في الأسرة، ومن المحتمل أن يتفاعل تفاعلاً سلبياً مع أخيه استجابة لذلك.
6. الانتباه إلى كيفية رد فعلك عندما يتجادل أطفالك ويتقاتلون:
هل أنت مفرط في التفاعل أم لا؟ إذا كنت مفرطاً، فأنت تميل إلى المبالغة في رد الفعل عندما تسمع أطفالك يتجادلون مع بعضهم بعضاً، فتميل إلى التحرك بسرعة لمحاولة وقف القتال وإصلاح الأمور، لماذا؟ لأنَّ قتالهم يسبب لك التوتر والقلق الذي تريد أصلاً التخلص منه.
إذا كنت تميل إلى المبالغة في رد فعلك، فحاول إدارة توترك أولاً قبل القفز في منتصف القتال، وامنح أطفالك فرصة لحل النزاع بأنفسهم ولا تتدخل لمجرد أنَّك بحاجة إلى خفض مستوى التوتر لديك، واسأل نفسك عما إذا كنت تتدخل لأنَّ أطفالك يحتاجون إلى مساعدتك لحل النزاع أم لأنَّك بحاجة إلى حل ضغوطاتك.
إذا كنت تميل إلى فعل خلاف ذلك بدلاً من ذلك، فإنَّك تميل إلى عدم الانفعال عندما يتشاجر الأطفال مع بعضهم بعضاً، وعندما تتوتَّر تميل إلى التجمد وتحاول الهروب من الموقف؛ ونتيجة لذلك غالباً ما تفشل في التدخل عندما يُطلب منك التدخل.