شريف العماري يكتب: الميت علي القرش
ينظر كثير من الناس للحياة نظرة مادية بحتة....
مثل الرجل الذى يوجه حياته وإهتماماته إلى رصيده البنكى
و يبدأ فى طلب الزيادة في المال على حساب أى شئ وكل شئ ويقصر فى حق كل من حوله حتى نفسه....
وإذا حدث تقصير أو عوار فى أى أمر عائلى فالإجابة جاهزة وهى ظروف العمل وأكل العيش....
يشتكى أقرب الناس إليه ولهم حقوق مثل الأم والأب من تقصيره نحوهم وهم من كانوا يدعون له بالتوفيق.
لكن الأمر تجاوز كل الحدود أصبح الشغل وأكل العيش و طلب الزيادة فى المال أهم بكثير من أقرب الناس ذوو حقوق شرعية.....
فعلموا جميعاً والعائلة والأحباب والأقارب والأصدقاء وحتى الزوجة والأولاد أن المال عنده أهم من نفسه ....
ثم يتطور الأمر إلى شهرته بينهم بحب الجنيه.
ثم شهرته بحرصه على عدم الإنفاق لكى لا يقل رصيده البنكى.
ثم يشتهر بالبخل ويخاف أولاده وزوجته وأهله أن يطلبوا منه أى شئ خصوصاً الأمور الترفيهية التى تعشقها الأسرة والعائلة مثل النزهة والمجاملات فى المناسبات والمواسم....
وأصبح الرجل المرعب الذى يسوق كل العبر والكلمات التى تدل على جمع المال وعدم الإنفاق مثل (القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود) وغيرها من الأمثلة لكنه يقول ذلك ليعذر نفسه أمام من كره طبعه من أقرب الناس...
والواقع أنه بالفعل حقق ما يريده وأصبح ثرياً مليونير أو ملياردير .
لكن كل حياته فضايح وكل من حوله يتشائمون منه ومن سيرته....
وشهرته أصبحت فلان (الجلدة) و (ميت على القرش) و ألفاظ أخرى لا تليق....
هؤلاء حذرت منهم الشريعة الإسلامية حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُم عَلَى أَن سَفَكُوا دِمَاءَهم، واستحَلُّوا مَحَارِمَهُم رواه مسلم.
والشح هو البخل على نفسك وعلى من تعول وعلى أصحاب الحقوق مثل الأقارب والجيران ....
هؤلاء البخلاء منهم من نجح فى بناء العمارات والإلتحاق بالوزارات وجمع سبائك الذهب والدولارات مع بخله على أقرب الناس إليه بل وعلى نفسه.....
وذلك يشمل الرجل البخيل والمرأة البخيلة....
والمفاجئات أصبحت تداهم حياة البخلاء..
مثل كره الزوجة له أو كره الزوج لزوجته....
وكره أولادهم وبناتهم لهما بل ووصفوهم بالطباع النتنة....
وانفض الناس من حولهم وأصبحت التعاسة تحاصرهم من كل اتجاه....
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: تعس عبدُ الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة الخميصة: كساء له أعلام، والخميلة: كساء سادة ليس له أعلام، إن أُعطي رضي، وإن لم يُعطَ سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش دعاء عليه أنَّ الله لا يُسهل عليه حتى إزالة الشوكة. رواه البخارى و مسلم....
ووصف الأب البخيل والأم البخيلة أموالهم
بأنها (شقى عمره)
ويقول لأولاده كل ده علشانكم علشان لما أموت أسيبكم مسنودين ومعاكم أملاك وكتير يكرر الأب البخيل فلوسى دى علشان لما أموت تنفعكم حتى أصبح الجميع ينتظر موته بل ويحلم بموت الأب البخيل...
بل أصبح موته حلم لأحب الناس له و إن شئت قل حلم جميل....
اليوم إللى هتفرج علينا الدنيا ونرث أموال إتحرمنا من كل شئ علشان نورثها....
وبعد أن بخل البخيل على نفسه ومن معه حتى بخل على علاجه وأصبح عاجزاً عن تجاوز أزمات الشيخوخة...
رأى بعينه حصاد جمعه للمال وأن كل من حوله لا يحبونه وينتظرون موته بل ويلمحون بكيفية تقسيم التركة وقد يفكرون فى الحجر عليه...
وتتغير المعاملات وتزداد الشقاقات بين المستحقين للميراث....
وعلى حياة عينه يرى أبنائه يتشاحنون و يتقاطعون و يتوعدون لبعض ويظلم القوى منهم الضعيف..
ويظلم الذكور منهم الإناث وقد يسرق بعضهم ذهباً أو مالاً ويخفى بعض المستندات المثبتة لحقوق وشركات أو ملكيات....
وتضيع الدنيا التى كان يطلبها طيلة حياته أمام عينه...
قال تعالى( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله)
وقال صلى الله عليه وسلم : إياكم والشح ، فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم ، واستحلوا محارمهم ....
وكأن لسان حاله يقول
(شقى عمرى راح)
فما أجمل وأعظم ما أمرنا به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عندما مدح الكرم وحثنا عليه
حيث قال"أفضل الدينار: دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله" [ صحيح سنن الترمذي
فالناحج الذى جمع حب أهله والناس حوله فى حياته وعاش كريماً حتى لو كان رزقه قوت يومه.
ويكفيه أنه يحمل صفة الكرم التى هى من صفات الله وأسمائه
فهو سبحانه الكريم.