الدكتور أحمد عبود يكتب: ستيف جوبز.. الحكمة التي وُلِدَت من الألم
مرّ ستيف جوبز بتجربة مرضية قاسية غيّرت نظرته للحياة وأعادت تشكيل فلسفته المهنية والشخصية. بعد إصابته بسرطان البنكرياس، أدرك أن الحياة قصيرة، وأن المال والنجاح التقليدي ليسا هدفًا بحد ذاتهما، بل وسيلة لتحقيق معانٍ أعمق وإرث يمتد أبعد من المكاسب المادية. لم يعد جوبز يركّز على المال أو المناصب، بل صار يسعى لمعانٍ أبعد ترتبط بجوهر حياته والوقت المتبقي له. وجد في المرض تذكيرًا دائمًا بأن كل لحظة هي فرصة يجب أن تُستغل لتقديم شيء حقيقي وقيم، ولهذا غيّر من أسلوبه في العمل، وصار أكثر جرأة وإبداعًا، يسعى لإحداث فرق ويطمح لترك بصمة لا تنسى.
لم تعد منتجات آبل في عينيه تكنولوجيا مجردة، بل أدوات للتعبير عن الذات وإثراء حياة الناس. أراد جوبز أن تجعل منتجات آبل التكنولوجيا بمتناول الجميع، وأن تكون منتجاته جزءًا من حياة الناس تساهم في تحويل تجاربهم اليومية إلى شيء أعمق وأكثر معنى. لذلك، طوّرت آبل تصميمات سلسة وسهلة، ترتكز على الجودة والبساطة، وتوفر تجربة استخدام فريدة. جوبز أراد أن تكون الأجهزة بديهية وسهلة للمستخدم العادي، وأن تُستخدم في الحياة اليومية كوسيلة تعبر عن الفرد وتمكّنه من الابتكار وتقديم إسهام مميز.
كان ستيف جوبز يؤمن أيضًا بمبدأ "عيش الحياة دون ندم". كان يقول إن الموت هو الدافع الأكبر لاتخاذ قرارات شجاعة، وأن تذكّر الإنسان لنهايته يجعله يقدر قيمة الوقت ويستثمره في ما يهم حقًا. بعد مرضه، ركّز على أهمية اتخاذ المخاطر والإقدام على خطوات غير مألوفة، مقتنعًا أن هذه الجرأة هي السبيل الوحيد لتحقيق إنجازات متميزة. هذا المبدأ انعكس على شركة آبل، فكل خطوة جديدة وكل منتج كان بمثابة تعبير عن فكرته الأسمى في الحياة: الجرأة على الاختلاف، وابتكار شيء يستحق العيش من أجله.
بعد تجربة المرض، أصبح جوبز أكثر وعيًا بقدرات الإنسان وإمكانياته. تعزز إيمانه بأن كل فرد قادر على صنع الفرق، وأن الإبداع ليس حكرًا على أحد. كان يشجع فريقه على السعي نحو الأفضل، مؤمنًا بأن الأفراد يحققون نجاحات عظيمة عندما يؤمنون بأنفسهم ويتحدّون إمكانياتهم. لم تكن رؤيته فقط حول الربح، بل كانت رسالة لكل من يعمل معه أن الحياة مليئة بالفرص، وأن القيمة الحقيقية تكمن في العمل الذي يقدم فائدة حقيقية ويترك أثرًا.
وربما كانت أكثر عباراته شهرة وعمقًا هي معادلته التي عبّر فيها عن رؤيته للحياة والصحة، حيث قال إن الصحة هي الرقم "واحد" في حياتنا،