محمد عبد اللطيف يكتب: عزف على أنغام المقاومة
غابت شمس الحق، وصار الفجر غروب .
وصدر الشرق إنشق، سكرت الدروب .
يردد اللبنانيون تلك الكلمات المشحونة بالشجن، من أغنية "حبيبي يا جنوب "، التي شدت بها جوليا بطرس، لأنها تّعبر عن الحال ... فعلاً غابت شمس الحق في زمن الدياثة الدولية، و صار الفجر غروب، وفعلاً صدر الشرق انشق، ولما لا و العربدة الصهيونية تجاوزت الحدود، وسفه النخبة العربية الشائهة أصبح يثير الغثيان، لأن نظرتهم لا تتجاوز أقدامهم، انقسموا علي أنفسهم، واتخذوا من التنظير الأجوف وسيلتهم، ولم يعد يعنيهم الهم العربي باشكالياته، ولا المخاطر القادمة، فقط تفرغوا للتراشق فيما بينهم، إما امعاناً في الحب، أو افراطاً في الكراهية، وفي الحالتين يتم تشويه العقل الجمعي العربي .
حقك أن تكون مع حزب الله، تؤيد أفعاله و تمدح سياساته ومواقفه، أو أن تكون ضده، و تصب اللعنات عليه، بل و تصفه بأقسي وأحط العبارات و تدينه بأبشع الاتهامات، كما يمكنك أن تختلف حول حسن نصر الله، وتنتقد ولاءه لملالي قم، وتقول عنه ما تشاء، لكن وأنت تفرح باغتياله عليك أن تدرك أن هزيمة المقاومة بكل أطيافها وفصائلها ومسمياتها في فلسطين ولبنان، ليست هزيمة لهم وحدهم، بل بداية لهزيمتك أنت، وهزيمة لكل مٓن علي شاكلتك، ممن يملأون الدنيا صخب وضجيج بالتنظير و التقعير، علي اتساع الخريطة الجغرافية للمنطقة العربية، وان لم تكن تعرف السبب في أن هزيمتهم هي هزيمة لك، فهذا دليل قاطع علي أنك خارج نطاق الوعي، و أنك مجرد ببغاء، تردد أساطير الصهاينة، التي ينسجونها عن قوتهم، وقدراتهم الاستخباراتية والعسكرية، خاصة بعد تفجيرات أجهزة "بيجر " التي طالت قيادات من الصف الأول في حزب الله .
يا سادة .. اسرائيل تحاول بث الرعب في نفوس أعداءها بالأساطير، فلو كانت بتلك الهالة الجبارة ، التي مكنتها من اغتيال حسن نصر الله وقيادات الصف الأول في حزب الله، لماذا فشلت في الوصول إلي أسراها لدي حماس؟ .. ولماذا لم تستطع اغتيال قادة حماس في غزة؟ .. فقط عليك أن توجه أصابعك صوب أمريكا، بكل ما لديها من وكالات استخباراتية منتشرة في ربوع الأرض ،و تكنولوجيا متطورة، تجعلها تعرف ما تحت الأرض، وما فوق السطح، و أقمار صناعية، وطائرات رصد و تكنولوجيا التجسس، وليس اسرائيل الهشة، التي انهارت عسكرياً و شعبياً في 7 أكتوبر من العام الجاري من تنظيم وليس جيش نظامي .
و ان كنت لا تعرف حقيقة هشاشة هذا الكيان الوظيفي، الذي أوجدوه كقاعدة للقوي الغربية، بهدف الهيمنة علي المنطقة، سأروي لك واقعة أخري تؤكد هشاشة أجهزتها الأمنية، عندما نشرت صوراً وهمية، لتضليل الرأي العام الداخلي، عن مقتل قيادات من حماس في غزة، من بينهم صورة للصحفي المصري محمد شبانة، وزعمت أنه قيادي بارز في حماس، فكانت فضيحة كّبري لهم ..فعن أي براعة لأجهزتهم تتحدثون ؟، هل تقصدون اغتيال اسماعيل هنية في طهران، لم يكن هذا دليل علي قوة الموساد، إنما دليل علي ضعف الأجهزة الأمنية في دولة الملالي، و توغل الخونة والجواسيس في مفاصل الدولة الفارسية، بما فيها المقار النووية .
فالحماية الأمريكية البريطانية لهذا الكيان الوظيفي، ستجعله لا يتوقف عن العربدة، بالأمس فلسطين واليوم لبنان وغداً سورية، وبعد غد ربما يتسع نطاق البلطجة الأمريكية الاسرائلية لبلدان أخري، أو بمعني أكثر دقة، لا يوجد من يوقف هذا الجنون، لذا عليك يا من تُفرط في الشماتة، إدراك أن هزيمة المقاومة المشروعة، هي هزيمتك، وعليك أن تدرك أن مقاومة الاحتلال ستبقي مستمرة، لأنها فريضة من فرائض التحرر الوطني، وهي لرجال نحسبهم أوفياء لأوطانهم و دينهم و مبادئهم ، لا يساومون على أوطانهم و كرامتهم و شرفهم، مهما كان الثمن .