أيمن عدلي يكتب: تأملات وطنية في مراكز الفكر
تحديات استثنائية.. في كل الأحوال لا يمكن لنا أن نصف ما تتعرض له مصر بالتحدي فقط..فما أكثر التحديات التي تمر بها دول مختلفة وتتهوى على أثرها أو تشهده دول عظمى فتباطأ مسيرتها، لكن ما تشهده دولتنا الآن هو اجتماع لمفردات قد لا تخطر في أكثر السيناريوهات تشاؤما، ومع ذلك حققنا نجاحات مستمرة على كل المستويات.
النجاح الذي حققناه ووفقاً لما تشير القيادة السياسية دائما أنه لا يكفي مع طموحاتنا،من هنا لابد أن نبحث عن حلول إبداعية تتلائم مع هذا النمط من التحديات والتي تستحيل معه الأفكار النمطية أو التقليدية، تحقيق الإبداع في أي منظومة بالمقاييس العالمية، له طريقتان أساسيتان، أولهما النجاح بالتجربة والخطأ،حيث نجرب أسلوبا أو منهجا مختلفا فإذا أصاب عملنا على تطويره وإذا فشل درسنا الأسباب وراء ذلك وعملنا على تجنبها أو محاولة حلها، ورغم أنها الطريقة المستخدمة في عدد من الدول لكنها طريقة مكلفة ومرهقة وتحتاج لوقت طويل وتستغرق الكثير من الموارد، على العكس الطريقة الثانية والتي تعتمد على العمل البحثي بما فيه من أساليب تجريبية أو شبه تجريبية نعرف منها مدى كون هذه الفكرة صائبة أم لا، وكيف يمكن تعديلها لتصبح طريقة نعتمد عليها بنسبة نجاح شبه مضمونة.
مراكز الفكر والبحث هي البيئة المواتية التي تحقق المعادلة الصعبة في الاستفادة من عقول السادة أصحاب الخبرات الطويلة وتوظيف طاقات وقدرات الشباب أصحاب العقول الفذة، هي مؤسسة قادرة بذاتها أن تحقق ما تحتاجه مصر الآن، ومن خلال مكوناتها البشرية العميقة تتمكن من توليد أنماط من الحلول لكافة ما نلاقيه من تحديات، والجدير بالذكر أن أفضل نموذج يمكن لنا استقراءه هو ما تفعله الدولة والتي تعمل على تنمية وتعزيز هذا النوع من المراكز في مختلف التخصصات السياسية والعلمية على حد سواء، وتتيح نتائجه للمواطنين ممن أرادوا الاطلاع، الآن يأتي دور المستثمر أو المالك لأي مؤسسة في الاعتماد والتعويل عليها.
إذن لدينا العديد من المراكز المعتمدة من وزارة التعليم العالي، بعضه حكومي وبعضها خاص، منها المتخصص وشديد التخصص، تتضمن الكفاءات الفريدة وتوفر النتائج الخاصة، تحتاج فقط لمن يتعرف على دورها وأهميتها، ولا ينظر للتكلفة اللحظية بها بقدر ما ينظر لتوفيره موارد الدولة وقدراتها وتوفيره التكلفة على نفسه، وما أطالب به تعظيم الجهات المختلفة للإفادة من هذه المراكز والعمل على تأسيس مراكز جديدة موثقة ومعتمدة تمثل شريان أفكار خلاقة، كما أدعو القائمين على كبرى المراكز الفكرية أن يوظفوا لديهم شباب الخريجين والباحثين وأوائل الجامعات لنحقق ما يدعو له الرئيس باستمرار.