محمد عبد اللطيف يكتب: التزوير والرشوة شرطا الترشح في الإسكان التعاوني
عندما أكدنا في أكثر من موضع، علي أن الدولة قوية، ولا يوجد أقوي منها، ومؤسساتها يقظة، ولن تتستر علي أي فاسد، مهما علا شأنه، كنا نعني ما نقوله ونؤكد عليه ، فبينما تستعد وزارة الإسكان والمرافق، أؤكد مرة أخري ، تستعد وزارة الإسكان ،لإبلاغ النائب العام، للتحقيق في وقائع فساد طالت البعض في الاتحاد التعاوني الاسكاني ، نشطت علي الجانب الآخر بورصة كشف المستور ، بخروج ملفات مثيرة ، لكننا سنتوقف أمام بعضها، أو أقلها من الناحية الشكلية ، لكن أكثرها قبحاً من حيث الجوهر والمضمون ، باعتبارها كاشفة عن خبايا ما يجري في هذا القطاع المهم، تبدو الوقائع التي سنسردها في مقالنا بمثابة قصة قصيرة، لكن أحداثها كاشفة عن شبكات المصالح و تعقيداتها ، والطريقة التي تدار بها بعض الجمعيات الإسكانية .
الأوراق تقول أن أحد قيادات الاتحاد وصاحب العزومات الشهيرة في المطاعم التي يرتادها الصفوة ، واسمه صالح أحمد صالح ، الذي يوصف بأنه الأذكي بين أعضاء مجلس الإدارة ، باعتباره الطرف الرئيسي وحامي حمي رئيس الاتحاد المنحل، والواسطة الأهم في تمرير ما يريدون تمريره في بعض الجمعيات، الحاج صالح تقدم للترشح لمجلس إدارة جمعية أجيال المستقبل بالإسكندرية، وتم الطعن علي اوراق ترشحه، واتهامه بأنه لا يحمل أي مؤهلات، ولا تنطبق عليه شروط الترشح، وبالطبع لا يعيبه عدم حصوله علي مؤهل، لكن الذي يشينه هو التلاعب في الأوراق الرسمية، وثبت هذا، فالتلاعب بمثابة تزوير، وليس له أي مسمي آخر، وهذا يفقده شرط السيرة والسمعة والنزاهة، وهي شروط موضوعية .
ولكن هذه الشروط فقدت صلاحيتها لمجرد دخول مقر الاتحاد ، ولا يتم الالتفات إليها، فالأوراق التي بحوزتنا تؤكد علي أمور كارثية ، سنكتفي بالقاء الضوء علي أقلها، لديه بطاقات رقم قومي متعددة الوظائف ، منها بطاقة بوظيفة محاسب حر ، وصدرت من الأحوال المدنية عام 2012، وبطاقة لاحقة للبطاقة الأولي ، مدون بها في خانة الوظيفة دبلوم تجارة، وصدرت عام 2021 ، أما في أوراق ترشحه فكتب في خانة المؤهل بكالوريوس تجارة، فهل هذا تزوير ، ام تحايل ، ام فهلوة، لا أعرف ، أما الذي أعرفه أن شبكات المصالح المعقدة في اتحادية الإسكندرية والاتحاد التعاوني الاسكاني " والذي يمثل سلطة الرقابة المركزية علي الجمعيات الاسكانية والاتحادات في المحافظات " جميعهم إما تستروا أو ساهموا بالاشتراك في هذه الفضيحة، فضلاً عن عدم وجود لجان فاعلة، تقوم بدورها بشفافية في مراجعة الأوراق كما ينص القانون .
علي أي حال ، صالح تمكن من ترأس الجمعية.
الغوص بين سطور الأوراق التي تناثرت مؤخراً، يشبه النبش في القبور، حيث تفوح منها رائحة لا تّطاق، فهي تحمل في طياتها ما يدفع لصب اللعنات، علي كل من تورط سواء عمداً، أو تساهل بدون قصد في إطار المجاملة، فالوقائع بها تزوير فج .
يا سادة .. الوقائع تخص أحد القيادات البارزة والنافذة في مجلس إدارة الاتحاد المنحل ، وهو صالح أحمد هذا الرجل طاله ما طاله من قصص وحكايات ، تشيب لها الأجنة في بطون أمهاتها، ومنها قصة تعويضات عن أرض تم نزع ملكيتها لصالح مشروع قومي ، وهذه قصة مثيرة ، سنكشف أسرارها لاحقاً وبالوثائق .
الغريب في الأمر أن الشكاوي العديدة ضده بالتزوير ،وجدت طريقها الي النيابة العامة، ثم الي القضاء وتم الحكم عليه بالحبس 3 سنوات، و بعيداً عن تتبع ما انتهت إليه القضية، فربما سقط الحكم، أو تمت تبرئته ، الا أن الأمر سواء تم تنفيذ الأحكام، أو تبرئته منها، لا يمكن أن يمر مرور الكرام، خاصة إذا كان الحديث يتعلق بالعمل العام، وألف باء الترشح للعمل العام، شرط السمعة والنزاهة، وان لم يتوافر هذا الشرط الأخلاقي ، كيف يؤتمن المرشح ، أي مرشح، علي مصالح الناس،واليكم التفاصيل، عندما تقدم السيد صالح أحمد صالح، لعضوية مجلس إدارة جمعية أجيال المستقبل في الإسكندرية، دون في خانة مؤهل المرشح "بكالوريوس تجارة "، وعندما أراد بعدها الترشح للمواقع القيادية الأعلي، وأعني قمة العمل التعاوني في الإسكندرية ، وبعد أن تم كشف الحقيقة بموجب طعن ،دون أنه يجيد القراءة والكتابة، وفي بطاقة الرقم القومي بخانة الوظيفة محاسب حر ، وبطاقة أخري دبلوم تجارة ، والحقيقة اول مرة في التاريخ،ان ينزل مستوي المؤهل من جامعي الي متوسط ، وعلي فكرة يوجد لدينا صور لبطاقتي الرقم القومي، الأولي مؤهل جامعي والثانية دبلوم ، والمفاجأة المذهلة أنه لا يحمل أي مؤهل بالمرة ، والقضية بالنسبة لنا، لا تتعلق إطلاقاً بالتقليل من شأنه، كونه بدون مؤهل، أنما تتعلق بوقائع تزوير ، نعم تزوير ، فالقانون أتاح الترشح لغير الحاصلين علي مؤهلات ، شريطة الحصول علي دورة تدريبية لاجادة القراءة والكتابة.
موضوع التزوير وصل للنيابة العامة، التي طلبت تحريات مباحث الأموال العامة، وتوصلت التحريات بإثبات أنه راسب إعدادية عام 1976 ، الي جانب تقدمه بطلب للحصول علي دورة إجادة قراءة وكتابة من الاتحاد التعاوني، وبالفعل حصل علي الدورة ، وهنا تقفز الأسئلة علي الألسنة ، ما الأوراق التي تقدم بها مرتين لمصلحة الأحوال المدنية للحصول علي بطاقة الرقم القومي ؟ هل هذه الأوراق سليمة أم مزورة ؟
وهل اطلعت اللجان المشكلة من الاتحاد التعاوني للإشراف علي الانتخابات في الجمعيات علي هذه الأوراق ؟ أم أن الأمور تسير بالجدعنة أو شخلل تعدي .
لم يكن صالح أحمد وحده الذي تسترت قيادات الاتحاد التعاوني علي دخوله مجلس إدارة الاتحاد ، لكن توجد وقائع مماثلة وان اختلفت التفاصيل والأسماء، فعلي سبيل المثال لا الحصر ، ما جري في جمعية الزراعيين بأسيوط، وهي الواقعة التي تورط فيها رئيس الجمعية كامل أحمد عبدالفتاح وشهرته كامل العوامي، الذي جري اتهامه في واقعة رشوة من أعضاء الجمعية، بطلب رشوة لصرف مستحقات مالية من دون تقسيط ، وأثبتت نيابة أمن الدولة العليا صحة وقائع الرشوة، وتم حلسه، و علي خلفية ذلك تم إسقاط عضويته و إحالته للنيابة الإدارية، وبالتالي يصبح تمكينه من الترشح جريمة أخري ، لافتقاده شرط السمعة والنزاهة ، وقد أخطرت هيئة تعاونيات البناء والإسكان في مذكرة رسمية الاتحاد التعاوني الاسكاني، وهو جهة الرقابة الشعبية المسؤول عن مراقبة نشاط كافة الجمعيات الإسكانية في بر مصر ، بعدم تمكينه من الترشح ، الا أن مجلس إدارة الاتحاد ، ألقي عرض الحائط بمذكرة هيئة التعاونيات، وهي الجهة الإدارية التي تمثل وزارة الاسكان في متابعة أعمال الجمعيات .
و من دون اسهاب في التفاصيل، كامل العوامي كان متهماً في قضية رشوة والنيابة العامة توصلت من خلال تحقيقاتها لصحة الوقائع المنسوبة اليه، وطلبت من الجهة الإدارية اسقاط عضويته ، والجهة الإدارية أرسلت للاتحاد ، لكن أباطرة الاتحاد ، وضعوا كلام النيابة وهيئة التعاونيات ومباحث الأموال العامة في الدرج، ومكنوه من الوصول لعضوية مجلس إدارة الاتحاد .
أنا هنا لا اوجه اتهامات لأحد ، ولا أملك ذلك علي الإطلاق فهذا من صميم اختصاص وسلطة النيابة والجهات الرقابية والأمنية التي حققت واقعة الرشوة ، وسواء حصل علي البراءة من عدمه، أصبح موصوماً بما يشينه وأصبح مجلس إدارة الاتحاد متورطاً،و علي الأخص أولئك الذين أغفلوا عمداً مذكرة الهيئة التي تضمنت ثبوت الاتهام بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، الي جانب عدم اخبار رئيس الاتحاد بالأمر، لتمرير ترشحه ودخوله في قائمة ضمت بعض من تحوم حولهم الشبهات للسيطرة علي مقاليد القطاع التعاوني في بر مصر مع شلة مشاهيرهم من المنتفعين .. تخيلوا أن هؤلاء هم من يتحكمون في مصير الجمعيات ومصالح 7ملايين مواطن من مختلف فئات المجتمع !!!