د. أيمن الرقب يكتب: العرب بين مدارين
ما أشبه اليوم بالبارحة ، سنوات طويلة منذ عام ١٩١٧م حتى يومنا الحالي ، و بريطانيا لم تتغير أو تغير جلدها ، حكومات توالت ، ودولة ضعفت ، ولكنها حافظت على فكرها الاستعماري ، لازال في ذهن بريطانيا سرقت مقدرات الشعوب، وخاصة الشعوب العربية، بريطانيا لم تتعلم من تجارب الماضي، وكأننا لا زلنا في تلك في الحقبة هنا التاريخ ، فبعد أن تورثت الولايات المتحدة الأمريكية الاستعمار العالمي ، ظلت بريطانيا محافظة على بعض جيوبها في افريقيا وآسيا و الوطن العربي ، على أمل عودتها من جديد لجني ارباح مشاريعها المنتشرة في العالم .
الإمبراطورية التي لم تكن تغيب الشمس عنها ، تحاول بعد غياب الشمس عنها أن تثبت أنها لازالت تمتلك قوة التأثير في المنطقة والعالم ، ولذلك رأينا تداعي بريطانيا بشكل سريع لدعم الاحتلال الاسرائيلي في عدوانه على غزة ، ليقدم فروض الطاعة للصهيونية العالمية ، ولم تكتفي بهذا القدر بل رأينها تدخل بأنفها في كل قضايا المنطقة ، وتقدم رؤى وحلول للأزمة الحالية في المنطقة ، و الأدهى أنها تحاول أن تسابق الولايات المتحدة الأمريكية في المواقف الأكثر راديكالية ضد شعوب منطقتنا ، وهذا ما رأينا في تصديق الرواية الاسرائيلية في الأيام الأولى للحرب ، ورغم انكشاف كذب الرواية الاسرائيلية إلا أن الدعم العسكري والمالي والإعلامي لازال مستمرا ، والهجوم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا وتعليق المساعدات إليها لمجرد أن ادعى الاحتلال الإسرائيلي بوجود 13 عاملا من موظفي وكالة الأونروا عملوا أو انتموا لحركة حماس ، دون التدقيق في المعلومة ، وكأن بريطانيا تتجهز لاستلام موروثها القديم .
عندما ننظر للدور البريطاني السلبي تجاه قضايا أمتنا العربية ، فيجب ألا نرحب بعودة هذا الاستعمار بحلة جديدة للمنطقة وهذا يتطلب القيام بعدة خطوات ، أهمها التمسك بالقوى التي لم تتآمر علينا في الحقيقة. الأخيرة وكانت حليف مهم وعلى رأسها روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفيتي ، يحب أن نطور العلاقة مع دول وقفت ودعمت حق قنا أكانت دول كبيرة أو صغيرة ، واكبر نموذج دولة جنوب افريقيا التي دعمت الحق الفلسطيني وهي تدرك أنها قد تدفع ثمن ذلك كبيرا على صعد عدة .
آن الأوان لنلتفت كعرب لمدار قياس مصالحنا ومصالح تحالفاتنا ولا نبقى بلا تأثير، فما نمتلكه من قوة اقتصادية وديموغرافية وجغرافية وسياسية يجعلنا أصحاب تأثير قوي في العالم .
آن الأوان ليكون للعرب عضو دائم في مجلس الأمن ، ونفكر بتطوير العلاقة مع حلفائنا لنصبح قوة ذات تأثير في العالم ، صحيح هذا يتطلب التنازل عن بعض المصالح الإقليمية و توحيد البيت العربية وهذا ممكن لو تم قياس حجم المكاسب للعرب ، وأول هذه الخطوات بعد ذلك هو رسم رؤية مع شركاء جدد على رأسها روسيا والصين وذلك بالاتفاق على ضرورة تغيير النظام العالمي الحالي الذي كشفت الأيام عورات كثيرة فيه ، ولمصنع تحالف نسانده ويساندنا لننشئ مفاعيل جديدة في العالم تضمن حقوقنا كعرب .