أقباط وشعب الكنيسة الأرثوذكسية بالأقصر يحتفلون بعيد إصعاد العذراء
انتهت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من صوم العذراء مريم، بجانب الأقباط الكاثوليك فى صعيد مصر، وذلك لمدة 15 يومًا انتهت اليوم الثلاثاء 22 أغسطس، عقب إعداد برنامج روحى، وعظات كل يوم، وقداسات يومية فى بعض الكنائس، ومن جانبها أنهت كنائس محافظة الأقصر، كافة استعداداتها لاستقبال المحتفلين، اليوم الثلاثاء، بعيد إعلان صعود جسد العذراء مريم بعد صوم 15 يومًا، عبر بتنظيم الصلوات والقداسات بجانب تقديم النذور والذبائح ودورة العيد فى مدينة الأقصر، حيث تشهد تلك الفترة من كل عام الاحتفال بالعيد بإقامة القداس بمشاركة كهنة الكنيسة وخورس الشمامسة والشعب القبطى.
ومع نهاية أيام صوم العذراء مريم، وانطلاق الليلة الختامية للعيد يتم تنظيم قداس عيد إعلان إصعاد جسد العذراء مريم إلى السماء، بجانب إقامة القداسات بمشاركة الآباء كهنة الإيبارشية، وفيها يقوم خورس الشمامسة ألحان ومردات القداس الإلهى، حيث تشهد الكنائس تشديدات أمنية قبل وخلال قداس العيد، بجانب نشر عناصر الشرطة السرية حول الكنائس، وتسيير دوريات أمنية على الطرق المؤدية إليها، وكذلك وضع بوابات إلكترونية حول الكنائس التى تشهد كثافة من المصلين، وتشاركت عناصر الكشافة فى عمليات تأمين الكنائس، حيث يقومون بالتعرف على المترددين على الكنائس، وفحصهم بمعاونة رجال الشرطة.
فما توافد أقباط قرى ونجوع مدن الأقصر على الكنائس من الصباح الباكر، للاحتفال بعيد صعود جسد السيدة العذراء وذبح الذبائح وتقديم النذور طلبًا من العذراء مريم شفاعة صلاتها والتبرك منها، حيث أن النذور والذبائح بشكل عام تنقسم إلى نوعين، هما "النذر غير الكامل - والنذر الكامل"، حيث أنه فى الحالة الأولى يخصص صاحب الذبيحة "النذر" سواء كان خروفًا أو بقرة أو عجلًا أو ماعزًا، حسبما نذر الشخص، وتخصيص جزءًا من ذبيحته للدير أو الكنيسة، سواء الربع أو النصف، ويأخذ باقى أجزاء الذبيحة ليوزعها حسب رؤيته، ويكون فى الأغلب على الفقراء والمحتاجين، أما فى الثانية، فهناك بعض الأقباط الذين يشهدون معجزة فى حياتهم، بشفاعة من السيدة العذراء مريم أو أحد القديسين، ونتيجة ذلك يخصصون ذبيحة بالكامل للدير، والبعض يقدر القيمة المالية للنذر الذى وعد بتأديته، سواء ذبيحة كاملة أو النصف أو الربع، ثم يدفع هذه القيمة للدير أو الكنيسة، لافتًا إلى وجود العديد من الأديرة التى يفضل الأقباط وفاء نذورهم بها، مثل دير السيدة العذراء فى "درنكة" بأسيوط، الذى يعد الأشهر فى إستقبال نذور الذبائح خلال عيد العذراء مريم، بالإضافة إلى أن هناك من ينذر الذبيحة لعام واحد فقط، وهناك من يكررها بشكل سنوى حبًا ووفاءً للسيدة العذراء مريم، وذلك حسب مقدرته المادية، ولا يقتصر الأمر على الذبائح فقط، حيث يحرص بعض الأقباط على أن تكون نذورهم للسيدة العذراء مبالغ مالية، حسب مقدرة كل منهم، مقابل إيصال تسلم المبلغ المالى من الشخص الذى يفى بنذره، لتوثيق الأمر، وجميعهم متساوون فى تعبيرهم عن محبتهم للسيدة العذراء، من خلال النذر الذى يحرصون على الوفاء به، سواء مرة واحدة خلال العام الذى استجيب فيه طلبهم، أو بشكل متكرر سنويًا.
ويعتبر صوم الأقباط الأرثوذكس بعيدًا عن اللحوم وعن البيض والسمك مسموحا إلا للمواطنين الذين قرروا النذر، حيث يكون لهم طلبات معينة من السيد المسيح، فيقررون عدم تناول السمك فى صوم السيدة مريم العذراء، حيث يقول القمص متاؤس القمص زخارى وكيل مطرانية إسنا وأرمنت، أن الأقباط يحتفلون بصوم السيدة العذراء مريم فى هذه الفترة من كل عام إحياءًا لذكراها، وينتهى الصوم مع الاحتفال الكبير بعيد السيدة العذراء، وتشهد كنيسة العذراء فى مدينة إسنا حضورًا كبيرا من الأقباط والمحبين الذين يتوافدون على الكنيسة فى هذه الأيام المقدسة.
ويضيف وكيل مطرانية إسنا وأرمنت، أن صوم السيدة العذراء مريم له قصة حقيقية حدثت لجسد السيدة العذراء مريم بعد وفاتها، حيث أن جسد السيدة مريم يشاء الله أنه لا يظل فى الأرض لحكمة منه، وتكريمًا للسيدة العذراء، فأرسل الملائكة وأخذوا جسد السيدة مريم بالكفن وصعدوا به إلى السماء، وموجود فى مكان مخفى لا يعلمه إلا الله، وهذا مثل ما حدث مع جسد النبى إيليا وغيرهم، وما حدث أن توما أحد تلاميذ السيد المسيح كان موجودا خارج أورشليم وعندما كان يمشى فى الصحراء وجد الملائكة يأخذون جسد السيدة العذراء مريم ويصعدون به إلى السماء، وعندما نادى عليها قال له أحد الملائكة "تعالى وخذ البركة من جسد السيدة العذراء مريم، وذهب وأخذ البركة وتمسك فى شريط الكفن حتى أخذه معه إلى الأرض، وهو موجود فى إحدى الكنائس التى سميت باسمه".
وأوضح القمص متاؤس القمص زخارى، أن توما عندما عاد إلى فلسطين وأبلغه باقى التلاميذ أن العذراء ماتت وتم دفنها، فسألهم عن مكان دفنها وذهبوا إلى القبر فلم يجدوها، فحكى لهم ما شاهده من الملائكة وصعودهم إلى السماء وهم يحملون جسد السيدة العذراء، فصاموا الـ15 يوما هذه حتى يروا جسد السيدة مريم وهو صاعد إلى السماء، وبعد انتهاء الصوم رأوا جسد السيدة مريم والملائكة تصعد به إلى السماء.
ومن مظاهر الإحتفال بالعيد تم تنظيم أقباط محافظة الأقصر موكب حاشد يعرف باسم الدورة، ضم عدد من السيارات التى تحمل صورًا كبيرًا للسيدة مريم العذراء، وكذلك مكبرات للصوت لإذاعة الترانيم، وذلك بمناسبة ذكرى إعلان صعود جسدها الطاهر إلى السماء، وسط إجراءات أمنية مشددة، وشهدت شوارع الأقصر، مظاهر إحتفالات الأقباط الأرثوذكس، بعيد السيدة العذراء مريم، وخرج أبناء وشعب وكهنة وشمامسة الكنائس التى تحمل اسم العذراء مريم فى موكب كبير فى الشوارع خارج محيطها عبارة عن "زفة" حاملين أيقونة العذراء مريم، وسط أجواء التسبيح والألحان القبطية.
وطاف الموكب أو زفة الايقونة، عددًا من الشوارع المجاورة للكنائس، وقام الآباء القساوسة خلال الموكب «الدورة» على تلاوة «إصعاد بخور الصلوات» أمام الأيقونة، ووسط زغاريد السيدات من الزوار يحرص المشاركون خلال الزفة على التبرك بأيقونات السيدة مريم العذراء وهى تحمل السيد المسيح فى طفولته، ثم عاد الموكب إلى الكنيسة، لوضع الأيقونات بداخلها وإتمام مراسم العيد.
وفى نفس السياق، كثفت مديرية أمن الأقصر من تواجد قوات الشرطة وخبراء المفرقعات بمحيط الكنائس والأديرة، خلال تشديد إجراءات التفتيش للوافدين إليها وتفعيل البوابات الإلكترونية، وتواجد قادة الكشافة ومسئولى الأمن الإدارى بالكنائس للتعرف على الوافدين من المناطق المجاورة لها أو من خارجها لمساعدة رجال الأمن خلال عملية التفتيش، وذلك فى إطار خطة تأمين الكنائس خلال فترة الاحتفال.
ومن الجدير بالذكر أن كل الأديان تكرم السيدة العذراء مريم، وكل الكتب السماوية تحدثت عن العذراء مريم، كما سميت سورة باسمها فى القرآن، فالكل يقدر العذراء مريم، وهى من جمعت الأديان السماوية، لذلك تقوم الطوائف الكنسية جميعها بصيام هذه الأيام تكريم للسيدة العذراء مريم، كما أن هناك بعض الطوائف تصوم فى أوقات مختلفة، وهناك العديد من التقاليد التى تميز صوم السيدة العذراء عن باقى الأصوام، حيث يقوم الأقباط بعمل تسابيح وترانيم يومية منظومة بألحان كنسية خاصة لصوم السيدة العذراء مريم، كما يتم عمل نهضات يومية طوال فترة الصوم، وهى موعظة تلقى كل يوم، وهناك صلوات كل يوم طوال فترة الصوم، كما يتم عمل دورة للصليب بوضع الشموع على صورة السيدة العذراء مريم.