وزير الأوقاف في خطبة الجمعة: من فرط في وطنه فرط في عرضه وشرفه
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم، بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة، تحت عنوان: "الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان"، وخلال خطبته أكد أن الحفاظ على الوطن آمنًا مطمئنًا من أهم مقاصد ديننا الحنيف، فالحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان، فالوطن عز وشرف وتاج على رءوس الوطنيين الشرفاء، ومن فرط في وطنه فرط في عرضه وشرفه، وإذا ضاعت الأوطان أو سقطت ضاع معها كل شيء، فلا أمن ولا أمان ولا عرض ولا مال، وما يحدث في الواقع المشاهد خير شاهد، فالدول التي وقعت في آتون الاحتراب صار أهلها يعانون أقسى المعاناة، وهذا ما يفسره قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبه، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِِيْزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا"، ولم يقل في بيته، والسرب هو النفق أو الشق الضيق، وكأنه يقول من وجد موضعًا لنومته آمنًا معافًا فكأنما حيزت له الدنيا، ويقول الحق سبحانه: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ"، ومعنى مطمئنة أنها لا تخشى تهديدًا داخليًّا ولا خارجيًّا، ولا تخشى على نفسها خطرًا يتهددها، وأكد وزير الأوقاف أن هناك علاقة بين الرزق والأمن، فإذا وجد الأمن وجد العمل ووجد الاستثمار والإنتاج.
وأكد أن الأوطان تتقدم بالعمل والاجتهاد فيه وإتقانه ، فعلينا أن نجتهد ونعمل ونتقن وأن نأخذ بالأسباب، ثم إذا فعلنا ذلك نفوض الأمر لله (عز وجل) لحكمته وتقديره.
كما يجب أن نكون على درجة كبيرة من الوعي بالتحديات والمخاطر، فالعالم كقرية واحدة ما يحدث في شرقه يؤثر في غربه وما يحدث في شماله يؤثر في جنوبه، فلا بد من العلم بالمتغيرات العالمية وحسن التعامل معها، كما أن علينا أن نوحد صفنا، وأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نتحلى بمكارم الأخلاق والحرص على الحلال والتكافل والتراحم في أوقات الأزمات، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ، جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ، بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ".
فهذا وقت التراحم والتكافل وليس وقت الاحتكار ولا الغش، ففي التحديات والأوقات الصعبة يجب أن يكون عند الناس قناعة لأننا في سفينة واحدة، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَثلُ القائمِ علَى حدودِ اللَّهِ، والمُدَّهِنِ فيها، كمَثلِ قَومٍ استَهَموا علَى سفينةٍ في البحرِ فأصابَ بعضُهُم أعلاها، وأصابَ بعضُهُم أسفلَها، فَكانَ الَّذينَ في أسفلِها يصعدونَ فَيستَقونَ الماءَ فَيصبُّونَ علَى الَّذينَ في أعلاها فقالَ الَّذينَ في أعلاها : لا ندعُكُم تصعَدونَ فتؤذونَنا، فقالَ الَّذينَ في أسفلِها : فإنَّا نثقُبُها في أسفلِها فنَستَقي، فإن أخذوا علَى أيديهِم فمنَعوهُمْ نجَوا جميعًا وإن ترَكوهُم غرِقوا جميعًا"، فالوطن بنا جميعًا ولنا جميعًا.
وختم وزير الأوقاف خطبته بالدعاء لأشقائنا في دولة السودان الشقيقة بأن يفرج الله كربهم ويجمع شملهم قائلًا: "اللهم إنا نسألك أن ترفع الكرب عن إخوتنا في دولة السودان الشقيق، اللهم فرج كربهم وأزل همهم ووحد صفهم واجمع شملهم ولا تفرق بلدهم ولا تشمت بنا ولا بهم عدوًا يا رب العالمين".
بحضور الدكتور عبد الله النجار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمستشار علي عمارة رئيس محكمة جنايات القاهرة، والدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، والمهندس مجدي أبو عيد مدير عام الشئون الهندسية بوزارة الأوقاف، والمهندس طارق خضر عضو مجلس إدارة المقاولون العرب، وجمع غفير من رواد المسجد.