«معلومات الوزراء» يبحث ”سيناريوهات التعامل مع تحديات الاقتصاد العالمي”
نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أمس الأحد، ورشة العمل الـ 15 في إطار إعداد مشروع بحثي متكامل لصياغة السيناريوهات اللازمة للتعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024، وذلك بعقد جلسة نقاشية موسعة حول أوضاع التشغيل، بحضور 20 من أصحاب الأعمال، ومؤسسات التأمين، وممثلي الجهات الحكومية المعنية وأعضاء مجلس النواب ووزراء القوى العاملة السابقين، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
وفي مستهل الجلسة، قامت الدكتورة هبة عبد المنعم، رئيس محور شؤون المكتب الفني لرئيس المركز، بتقديم عرض حول أبرز المخاطر التي تُهدد الاقتصاد العالمي، حيث أشارت إلى أن المديونية العالمية قد سجلت أعلى مستوياتها منذ 50 عامًا بقيمة بلغت 290 تريليون دولار وبنسبة 343% من الناتج الإجمالي العالمي، مؤكدة أنه من المتوقع أن تُواصل أسعار الفائدة ارتفاعاتها، لتبلغ أعلى مستوياتها في 2023، بما يؤثر على استمرار خروج رؤوس الأموال من الدول النامية واقتصاديات الأسواق الناشئة بجانب حدوث أزمات عملات متوقعة في عدد من تلك الدول، مشيرة إلى أنه من المتوقع تراجع معدلات التضخم إلى 6.6 % و4.3% خلال عامي 2023 و 2024، لكنها ستظل أعلى من المستويات المسجلة قبل انتشار الجائحة لدى 80 % من دول العالم.
كما قام الدكتور محمود خليفة، المدير التنفيذي للإدارة العامة للمتابعة الخارجية، بتقديم عرض حول الأزمات المتلاحقة والتغيرات الجوهرية بسوق العمل العالمي، وواقع سوق العمل في مصر وآفاقه المستقبلية، بالإضافة إلى أبرز الجهود الحكومية في مجال التشغيل، علاوة على استعراض أبرز الاتجاهات والوظائف المستقبلية لسوق العمل.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد سعفان، وزير القوى العاملة السابق، إن هناك العديد من الأزمات العالمية الكبرى التي نجحت مصر في مواجهتها وتقليل آثارها على المواطنين وقطاعات الدولة المختلفة، مشيرًا إلى أن مصر نجحت في احتواء أزمة الجائحة من خلال دعم مؤسسات الأعمال وزيادة المنح الاجتماعية، بالإضافة إلى مساندة العمالة غير المنتظمة بقيمة 6 مليارات جنيه، وكذلك دعم العاملين بالقطاع السياحي أثناء فترة الإغلاق، مشيرًا إلى أن التحدي الرئيس حاليًا يتركز حول تأثير الثورات الصناعية التكنولوجية المتلاحقة على ارتفاع مستوى البطالة بسبب قلة اعتمادها على العنصر البشري، وفي ظل توجه عالمي نحو الميكنة والتحول الرقمي، وبما أدى إلى اندثار 60 وظيفة تقليدية بالفعل حول العالم، ومؤكدًا على أهمية الخطوات الجارية لزيادة برامج التأهيل والتدريب لخريجي الجامعات في التخصصات المطلوبة لسوق العمل، بهدف زيادة معدلات التشغيل المطلوبة لزيادة الإنتاجية، ومضيفًا أن هناك أهمية لإعادة النظر في هياكل الأجور بالنسبة للعمالة المصرية بجانب جهود دعم تأهيلها وتدريبها ووضع استراتيجيات قطاعية للتشغيل.
وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة عائشة عبد الهادي، وزير القوى العاملة الأسبق، أن هناك ضرورة لتعزيز أوضاع النقابات العمالية كطرف أصيل في العلاقة الثلاثية بينها وبين الحكومة وأصحاب الأعمال، بما ينعكس على استقرار أوضاع التشغيل والعمالة المصرية، خاصة أن معدلات إنتاجية العامل المصري وعدد الساعات التي يقضيها في العمل تُعدّ الأعلى من نوعها عالميًا، مشيرة إلى مجموعة من المقترحات لتعديل قانون العمل وتعزيز موارد صندوق التدريب بوزارة القوى العاملة، ووضع استراتيجية موحدة للتعليم الفني بمشاركة جميع الوزارات المعنية كآلية مُستقرة تضمن تنسيق الجهود الحكومية في مجالات التدريب المهني والتكنولوجي ومنح رخص مزاولة المهنة وفقًا لذلك، وبما يرفع من قيمة العامل المصري.
وأشار النائب عادل عبد الفضيل عياد، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إلى عدد من المقترحات لدعم أوضاع العمالة غير المنتظمة، وتعزيز قرارات المجلس القومي للأجور، وشدد على أهمية الربط بين التعليم وسوق العمل، وتشجيع برامج التعليم الفني الداعمة لمتطلبات توفير العمالة الماهرة والمُدربة بما يُفيد القطاع الصناعي.
وأضاف النائب إيهاب منصور، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن هناك ضرورة لإجراء دراسة قطاعية شاملة لاحتياجات سوق العمل سنويًا، مع تعزيز ثقافة إشراك العامل في منظومة العمل الإدارية بما ينعكس على تحسين إنتاجيته، ومطالبًا بدراسة الأثر التشريعي للقوانين والتشريعات الحاكمة لمنظومة العمل.
وأوضح النائب سيد نصر، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة تعد أنسب وسيلة لدعم أوضاع التشغيل والأجور، وذلك بالتنسيق بين وزارتي القوي العاملة والصناعة، ومن خلال تطبيق عقود عمل متوازنة وعادلة، مقترحًا حصر القطاعات التي تعاني من عجز العمالة الفنية المدربة، وتوجيه برامج تدريبية عاجلة لتوفير احتياجاتها بالتعاون مع أصحاب المصلحة من مجتمع الأعمال، وبما يسهم في زيادة معدلات التوظيف بشكل سريع خلال الفترة الحالية.
وذكرت النائبة سولاف درويش، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن آليات تعزيز التدريب والتعليم المهني تعد من أبرز الحلول المطروحة لدعم أوضاع التشغيل وزيادة فرص العمل حسب متطلبات السوق بما يرفع من قيمة العامل المصري خارجيًا.
وأكد الدكتور أحمد الجيوشي، نائب وزير التربية والتعليم لشؤون التعليم الفني سابقًا، أنه لابد من وجود شراكة مستمرة بين جهات العمل ومؤسسات التعليم الفني وتوسيع التعاون بينهما على غرار تجربة مدارس التكنولوجيا التطبيقية، التي أطلقتها الدولة مؤخرًا وبلغ عددها حتى الآن 40 مدرسة على مستوى الجمهورية، مؤكدًا أن التعليم الفني داخل المصنع وتدريس الأطر النظرية في المدرسة أصبح توجهًا عالميًا يدعم سياسات التعليم المزدوج وتوفير متطلبات سوق العمل.
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد عبد المقصود، مدير الإدارة العامة للتعليم الصناعي بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الوزارة أعادت هيكلة منظومة التعليم الفني عبر برامج متخصصة تحت إشراف القطاع الخاص بدءًا من عام 2019، مشيرًا إلى أنه من المنتظر بحلول العام المالي 2024/2025 تعميم تلك البرامج على مستوى كافة مدارس التعليم الفني من حيث المناهج والتخصصات وطرق التدريس، بجانب إدخال تخصصات 29 مهنة جديدة في سوق العمل إلى البرامج التعليمية بالمدارس الفنية، مشيرًا إلى الخطوات الجارية لإصلاح أوضاع مدارس التعليم المزدوج وذلك على غرار نجاح تجربة مدارس التكنولوجيا التطبيقية التي سوف يصل عددها في العام المالي 2024/2025 إلى حوالي 100 مدرسة، وقامت بتخريج حوالي 3000 طالب حتى الآن، استطاعوا جميعهم إيجاد فرص العمل المناسبة في ظل توافق المواد الدراسية بالمدارس التكنولوجية التطبيقية مع سوق العمل، ومضيفًا أنه جار العمل على إنشاء 3 مدارس حديثة للتعليم الفني في مجالات الصناعات النسيجية.
من ناحية أخرى أشارت الدكتورة عبير عصام، عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، رئيس مجلس أمناء أحد مدارس التكنولوجيا التطبيقية، أن جمعيات المستثمرين تسهم بدور كبير في دعم منظومة مدارس التكنولوجيا التطبيقية، لتخريج العمالة الماهرة في كافة المجالات، وبما يخدم أوضاع التشغيل وتوفير فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، كأحد الأدوار المجتمعية المنوطة بمجتمعات المستثمرين، مضيفة أن هذه المدارس توفر التعليم الفني المتطور في مجالات تتوافق مع متطلبات سوق العمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ضمن خطة تستهدف الوصول بأعداد مدارس التكنولوجيا التطبيقية إلى 100 مدرسة.
وأشار سامي عبد الهادي، نائب رئيس الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، إلى أهمية تدخل القيادة السياسية لرد أموال صندوق التأمينات عبر أقساط سنوية تدفعها الخزانة العامة للدولة لمدة 50 عامًا بما يضمن حقوق أصحاب التأمينات والعمالة المنتظمة، وبما يجعل صندوق التأمينات يحقق فوائض بقيمة 90 مليار جنيه سنويًا، مشيرًا إلى أن إصلاح هيكل الأجور يتيح زيادة الحماية التأمينية والرعاية الاجتماعية والصحية كنسبة من الدخل، بجانب الحفاظ على الخبرات الفنية من التسرب من سوق العمل.
وأكدت الدكتورة هبة جاد الحق، مدير عام بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أن الجهاز يعتمد على معايير الحوكمة في اختيار المتقدمين للوظائف العامة، وذلك بعد إجراء دراسات مستفيضة لاحتياجات مختلف القطاعات ومهارات المتقدمين، وهو ما ظهر جليًا في اختبارات تعيين عدد من الاحتياجات الوظيفية من المهندسين في وزارتي النقل والموارد المائية والري لمواكبة احتياجات المشروعات القومية، بالإضافة إلى اختبارات تعيين 30 ألف معلم سنويًا ضمن خطة لسد العجز في أعداد المعلمين، بجانب الخطوات الجارية لتعيين عدد من الأئمة بوزارة الأوقاف، ووظائف قيادية بمصلحة الضرائب بوزارة المالية.
وفيما شددت لمياء خيري، مدير عام بالجهاز المركزي للمحاسبات، على أهمية خطط إصلاح الجهاز الإداري للدولة من حيث أعداد العاملين وإنتاجيتهم وعدد ساعات عملهم بما ينعكس على تحسين أوضاع التشغيل، كما أشارت الدكتورة سلمى صقر، معاون وزير الهجرة للعلاقات الدولية إلى مبادرة "مراكب النجاة" التي أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2019 خلال فعاليات منتدى شباب العالم، لمواجهة الهجرة غير الشرعية في 14 محافظة، مضيفة أن المبادرة نجحت في توفير مراكز تدريب مهني لتأهيل المواطنين على المهارات الرقمية والحرفية بما يوفر لهم فرص العمل داخليًا ويجنبهم مخاطر الهجرة غير الشرعية، لافتة إلى عدد من الاتفاقيات التي أبرمتها الوزارة مع عدد من الدول لتحسين جوانب التدريب المهني.
وقال طارق سيف، أمين عام الاتحاد المصري للتأمين، أن مشكلات العمالة غير المنتظمة أدت إلى حدوث فجوة تأمينية كبرى في الرعاية التأمينية متناهية الصغر، مضيفًا أن الاتحاد يدرس التجربة الهندية في تأمين العمالة غير المنتظمة لتوفير آليات تكفل التأمين على تلك الفئات خاصة أصحاب الورش الصغيرة، ولافتًا إلى أن هناك 500 ألف عامل مصري بالخارج يستفيدون من أعمال المجمعات التأمينية للاتحاد في حالات السفر للخارج.
ومن جانبه، أكد مصطفى أشرف، المدير القانوني بمبادرة "إرادة" بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أنه يجب الاعتماد على دراسات تقييم الأثر التشريعي لكل قانون صادر، بما في ذلك قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية والصحية، وبما ينعكس مباشرة على جذب الاستثمار الأجنبي وتوفير فرص العمل الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قد أطلق سلسلة من ورش العمل في 2 فبراير الماضي، بهدف الاستماع إلى كافة الآراء والأفكار لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وقام بتنظيم 15 ورشة عمل حتى الآن من مجمل 20 ورشة عمل مخططة في إطار ذلك المشروع، انتهت إلى وضع توصيات في مجالات آفاق النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد، والزراعة، والصناعة، والاستثمار، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتجارة الخارجية، والتنمية المستدامة، وأوضاع التشغيل، والإصلاحات الهيكلية، والسياسة المالية والدين، وسبل تعزيز الموارد من النقد الأجنبي، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.